ولأهمية الإخلاص في توحيد العبادة كان أحد ركنيه، والصدق ركنه الآخر.
قال العلامة ابن القيم:
فلو أحدكن واحداً في واحد ... أعني سبيل الحق والإيمان
هذا وثاني التوحيد ... توحيد العبادة منك للرحمن
فنقوم بالإخلاص والإحسان ... في سر وفي إعلان
والصدق والإخلاص ركنا ذلك ... التوحيد كالركنين للبنيان1
وقد تضافرت الأدلة من الكتاب والستة، وكثرت أقوال الأئمة في اشتراط الإخلاص للأعمال والأقوال الدينية، وأن الله لا يقبل منها إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه.
قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} 2.
"فهذه الآية فيها توجيه من الله ـ تعالى ـ لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن يقول للمشركين أنه لا يصلي إلا لله، ولا يذبح إلا له، وأن محياه ومماته كل ذلك لله وحده لا شريك له بخلاف المشركين، فإنهم كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها فأمره الله ـ تعالى ـ بمخالفتهم، والابتعاد عما هم عليه والإقبال بالقصد والنية والعزم والإخلاص لله تعالى"3.
وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} 4.
قال الفضيل بن عياض: هو أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة، ثم قرأ قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 5، فلا يمكن أن يكون العمل خالصاً إلا إذا جرد
1- القصيدة النونية مع شرحها توضيح المقاصد وتصحيح القواعد 2/258.
2- سورة الأنعام آية: 162 ـ 163.
3- انظر تفسير ابن كثير 3/139.
4- سورة الملك آية: 2.
5- مدارج السالكين 2/89 والآية رقم 110 من سورة الكهف.