وما قدمناه من الآيات القرآنية وبعض الأحاديث النبوية والأدلة العقلية كلها نصوص قطعية صريحة في إثبات صفة العلم لله ـ تعالى ـ وكلها تشهد ببطلان مذاهب أهل الأهواء في صفة العلم من الفلاسفة والجهمية والمعتزلة الذين ينفون هذه الصفة وغيرها من صفات الله ـ جل وعلا ـ وهي أي: ـ تلك الأدلة ـ صفعة على رؤوس الجهمية الذين يجحدون علم الله السابق بخلقه، ويزعمون أن علمه بأفعال عباده قبل كونها يفضي إلى الجبر وهذا من علامة زيغ القلوب والعياذ بالله؛ إذ العلم صفة كاشفة تكشف الأشياء على ما هي عليه ـ فالباري سبحانه ـ يعلم أزلاً ما يكون من عبده المختار من السعادة والشقاوة وما يحصل له من الغنى والفقر، ومن ناحية تحديد عمره وانقضاء أجله ثم كتب ما يعلمه في اللوح المحفوظ فهو كتب ـ سبحانه ـ لا ليجبر أحداً من عباده على حسب ما كتب بل كتب ـ سبحانه ـ لأنه علم في الأزل ما يكون من العبد بمحض اختياره وإرادته، فعلمه ـ تعالى ـ صفة انكشاف للماضي والحاضر والمستقبل وهو معنى قول أهل العلم عَلِمَ ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما لم يكن أن لو كان كيف كان يكون.