الكفر بقضاء الله ـ تعالى ـ لوجب على الخلق أن يرضوا بذلك لأن الرضا بقضاء الله واجب، وحيث اجتمعت الأمة على أن الرضا بالكفر كفر ثبت أنه ليس بقضاء الله، وليس أيضاً برضاء الله1.
وهذا الزعم يرد عليه من وجوه ثلاثة:
الوجه الأول:
يقال له: اختلف أهل التفسير في هذه الآية على قولين:
1ـ ذهب حبر الأمة عبد الله بن عباس والسدي2 إلى أن معنى قوله ـ تعالى ـ {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} خاص بعباده المؤمنين الذين أخلصهم لعبادته وطاعته.
2ـ وذهب آخرون إلى أن ذلك عام لجميع الناس وعلى هذا يكون المعنى أيها الناس إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لكم أن تكفروا به3.
الوجه الثاني:
يقال له: إن زعمك أن الرضا بالقضاء واجب ففيه تفصيل عند العلماء حيث أن أقسام الرضا ثلاثة:
الرضا بالله، والرضا عن الله، والرضا بقضاء الله.
فالرضا بالله فرض، والرضا عنه وإن كان من أجل الأمور وأشرفها فلم يطالب به العموم لعجزهم عنه ومشقتهم عنه، وأوجبه بعضهم وأما الرضا بكل مقتضى فلا يجب بل المقتضى ينقسم إلى ما يجب الرضا به وهو الديني الشرعي، ومقتضى كونه قدري، فإن كان فقراً أو مرضاً ونحو ذلك استحب الرضاء به ولم يجب، وأوجبه بعضهم وإن كان كفراً، أو معصية حرم الرضاء به، فإن الرضاء به مخالفة لله ـ تعالى ـ فإنه ـ سبحان ـ لا يرضى لعباده الكفر، وأما القضاء الذي هو صفة الله وفعله فالرضا به واجب" أ. هـ4.
1- التفسير الكبير للفخر الرازي 26/246.
2- هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي أبو محمد الكوفي صدوق يهم ورمي بالتشيع توفي سنة سبع وعشرين ومائة هجرية "تهذيب التهذيب" 1/313ـ314.
3- جامع البيان 26/246.
4- منهاج السنة 2/40 ـ41، مدارج السالكين 1/256 مع التصرف اليسير.