اللاهوت بالناسوت ـ فظاهره ـ وهو الدرع والقميص بشر وباطنه ـ وهو المتدرِّع ـ لاهوت هو الابن الذي هو الكلمة لتولد هذا من الأب الذي هو جوهر الوجود ومن هذا نعلم أن النبوة المزعومة مركبة من أصلين:
أحدهما: أن الجوهر هو الكلمة تولد من الجوهر الذي هو الأب كتولد العلم والقول من العالم والقائل.
الثاني: أن هذا الجوهر اتحد بالمسيح وتدرع به، وذلك الجوهر هو الأب من وجه وهو الابن من وجه فلهذا حكى الله عنهم، تارة أنهم يقولون: المسيح ابن الله، وتارة أنهم يقولون: إن الله هو المسيح ابن مريم1.
ولم يكتف القرآن بالرد على من زعم أن لله ولداً بالنفي فحسب بل كفر من جعل له ولداً، أو والداً، أو شريكاً فقال تعالى في السورة التي تعدل ثلث القرآن كما جاء بذلك الحديث الذي رواه أبو داود في سننه عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً يقرأ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} يرددها فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له وكأن الرجل يتقالها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن" 2: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} . قال شيخ الإسلام: "فنفى عن نفسه الأصول والفروع والنظراء، وهي جماع ما ينسب إليه من المخلوق من الآدميين والبهائم والملائكة، والجن، بل والنبات ونحو ذلك فإنه ما من شيء من المخلوقات إلا ولا بد أن يكون له شيء يناسبه إما أصل، وإما فرع، وإما نظير. أو اثنان من ذلك، أو ثلاثة وهذا في الآدميين والجن والبهائم ظاهر.
وأما الملائكة فإنهم وإن لم يتولدوا بالتناسل فلهم الأمثال والأشباه ولهذا قال ـ سبحانه ـ: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} 3. قال بعض السلف: "لعلكم تتذكرون فتعلمون أن خالق الأزواج واحد" أ. هـ4.
وبعد أن سقنا الأدلة النقلية على إبطال فرية المشركين واليهود والنصارى في نسبة
1- مجموع الفتاوى: 2/443 ـ 445.
2- سنن أبي داود: 1/337، وابن ماجة: 1/1244، والنسائي: 2/171.
3- سورة الذاريات، آية: 49.
4- مجموع الفتاوى: 2/438 ـ 439.