responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 9
(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) بِخَيْرٍ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الْخُلَفَاءِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَفِي سَنَةِ مِائَتَيْنِ وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ، أَظْهَرَ الْمَأْمُونُ الْقَوْلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ مُضَافًا إِلَى تَفْضِيلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. فَاشْمَأَزَّتْ مِنْهُ النُّفُوسُ، وَدَعَا النَّاسَ لِرَأْيِهِ الْمَعْكُوسِ، وَكَادَتِ الْفِتَنُ أَنْ تَقُومَ عَلَى سَاقِهَا. فَكَفَّ عَنْ ذَلِكَ إِلَى سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، فَامْتُحِنَ النَّاسُ بِالْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، فَأَجَابَ مَنْ أَجَابَ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَامْتَنَعَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنِ امْتَنَعَ مَعَهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَطُلِبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فَهَلَكَ الْمَأْمُونُ وَلَمْ يَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَكَانَ هَلَاكُ الْمَأْمُونِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّ الْمَأْمُونَ لَمَّا هَادَنَ بَعْضَ مُلُوكِ النَّصَارَى - أَظُنُّهُ صَاحِبَ جَزِيرَةِ قُبْرُسَ - طَلَبَ مِنْهُ خِزَانَةَ كُتُبِ الْيُونَانِ، وَكَانَتْ عِنْدَهُمْ مَجْمُوعَةً فِي بَيْتٍ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَجَمَعَ الْمَلِكُ خَوَاصَّهُ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ وَاسْتَشَارَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَكُلُّهُمْ أَشَارُوا بِعَدَمِ تَجْهِيزِهَا إِلَيْهِ إِلَّا مَطْرَانٌ وَاحِدٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: جَهِّزْهَا إِلَيْهِمْ، فَمَا دَخَلَتْ هَذِهِ الْعُلُومُ عَلَى دَوْلَةٍ شَرْعِيَّةٍ إِلَّا أَفْسَدَتْهَا، وَأَوْقَعَتْ بَيْنَ عُلَمَائِهَا.
قَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - كَانَ يَقُولُ: مَا أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يَغْفُلُ عَنِ الْمَأْمُونِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَابِلَهُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ مَعَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ إِدْخَالِ هَذِهِ الْعُلُومِ الْفَلْسَفِيَّةِ بَيْنَ أَهْلِهَا. قَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ: لَمْ يَبْتَكِرِ الْمَأْمُونُ النَّقْلَ وَالتَّعْرِيبَ، بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَهُ كَثِيرٌ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيَّ عَرَّبَ مِنْ كُتُبِ الْفُرْسِ كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ، وَعَرَّبَ لِأَجْلِهِ كِتَابَ الْمَجِسْطِيِّ مِنْ كُتُبِ الْيُونَانِ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ عَرَّبَ كُتُبَ الْيُونَانِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، لِمَا وَلِعَ بِكُتُبِ الْكِيمْيَاءِ.
ثُمَّ قَالَ الصَّفَدِيُّ: وَالْخِلَافُ مَا زَالَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مُنْذُ تُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى فِي مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ وَأَمْرِ الْخِلَافَةِ بَعْدَهُ، وَأَمْرِ مِيرَاثِهِ، وَأَمْرِ قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ فِي نَفْسِ مَرَضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست