responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 437
يَكْرَهُونَ سُؤَالَ الرَّجُلِ لِغَيْرِهِ أَمُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَيَكْرَهُونَ الْجَوَابَ ; لِأَنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ أَحْدَثْتَهَا الْمُرْجِئَةُ، وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا مُؤْمِنٌ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرِنَ كَلَامَهُ بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْإِيمَانَ الْمُطْلَقَ الْكَامِلَ ; وَلِهَذَا كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَكْرَهُ أَنْ يُجِيبَ عَلَى الْمُطْلِقِ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ تَقَدَّمَهُ. وَقَالَ الْمَرْوَذِيُّ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ نَقُولُ: نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ؟ قَالَ: نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ. وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَكُنْ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الِاسْتِثْنَاءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ فِعْلَ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الْقَوْلِ بَلْ يَتْرُكُهُ، لِمَا يَعْلَمُ أَنَّ فِي قَلْبِهِ إِيمَانًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَجْزِمُ بِكُلِّ إِيمَانِهِ.
وَقَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيُّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ إِذَا سَأَلَنِي الرَّجُلُ فَقَالَ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قَالَ: قُلْ لَهُ سُؤَالُكَ إِيَّايَ بِدْعَةٌ، وَلَا شَكَّ فِي إِيمَانِي، أَوْ قَالَ: لَا نَشُكُّ فِي إِيمَانِنَا.
قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَحِفْظِي أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَقُولُ كَمَا قَالَ طَاوُسٌ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ. فَقَدْ أَخْبَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّهُ قَالَ: لَا نَشُكُّ فِي إِيمَانِنَا، وَإِنَّ السَّائِلَ لَا يَشُكُّ فِي إِيمَانِ الْمَسْئُولِ وَهَذَا أَبْلَغُ، وَهُوَ إِنَّمَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ مُقِرٌّ مُصَدِّقٌ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ لَا أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْوَاجِبِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ وَغَيْرَهُ مِنَ السَّلَفِ كَانُوا يَجْزِمُونَ وَلَا يَشُكُّونَ فِي وُجُودِ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْإِيمَانِ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَيَجْعَلُونَ الِاسْتِثْنَاءَ عَائِدًا إِلَى الْإِيمَانِ الْمُطْلَقِ الْمُتَضَمِّنِ فِعْلَ الْمَأْمُورِ، وَيَحْتَجُّونَ أَيْضًا بِجَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي مَا لَا شَكَّ فِيهِ، وَهَذَا مَأْخَذٌ ثَانٍ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَشُكُّ فِي مَا فِي قُلُوبِنَا مِنَ الْإِيمَانِ، فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي مَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ مِمَّا قَدْ جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحِكْمَةِ قَالَ - تَعَالَى -: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: 27] «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ " إِنِّي لِأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ» " وَقَالَ فِي الْمَيِّتِ: " «وَعَلَيْهِ يُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» " «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَقَفَ عَلَى الْمَقَابِرِ: " وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» " وَقَوْلُهُ: " «إِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي وَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا» " وَهَذَا كَثِيرٌ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - قَالَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ، كُلٌّ مِنْهُنَّ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَالَّذِي نَفْسِي

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 437
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست