responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 434
عُثْمَانُ بْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَرَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ بَلْ كَانَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ قَبْلَهُ، وَلَكِنْ أَحْدَثَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَكَانَ شَيْخُهُمْ مُنْتَسِبًا إِلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ مِنْ أَتْبَاعِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيِّ، وَأَبُو الْفَرَجِ مِنْ تَلَامِذَةِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى. قُلْتُ: وَهُوَ الَّذِي نَشَرَ مَذْهَبَ أَحْمَدَ فِي نَوَاحِي جَبَلِ نَابُلُسَ وَهُوَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - اسْمُهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ الْأَنْصَارِيُّ السَّعْدِيُّ الْعَبَّادِيُّ الْخَزْرَجِيُّ شَيْخُ الشَّامِ فِي وَقْتِهِ، وَهَذَا الْبَيْتُ يُعْرَفُ بِبَيْتِ الْحَنْبَلِيِّ، وَكَانَ أَبُو الْفَرَجِ إِمَامًا عَالِمًا بِالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ شَدِيدًا فِي السُّنَّةِ زَاهِدًا عَارِفًا عَابِدًا مُتَأَلِّهًا ذَا أَحْوَالٍ وَكَرَامَاتٍ ظَاهِرَةٍ، وَكَانَ قَدْ صَحِبَ الْقَاضِيَ أَبَا يَعْلَى سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَتَرَدَّدَ إِلَى مَجْلِسِهِ سِنِينَ عِدَّةً وَعَلَّقَ عَنْهُ أَشْيَاءَ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، ثُمَّ قَدَمَ الشَّامَ وَحَصَلَ لَهُ الْأَتْبَاعُ، وَالتَّلَامِيذُ وَالْغِلْمَانُ، وَكَانَ نَاصِرًا لِمَذْهَبِنَا مُتَجَرِّدًا لِنَشْرِهِ، وَلَهُ تَصَانِيفُ فِي الْفِقْهِ وَالْوَعْظِ وَالْأُصُولِ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ ثَامِنَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بِدِمَشْقَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ الصَّغِيرِ، وَإِلَى جَنْبِهِ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ وَقَدْ زُرْتُهُمَا كَثِيرًا - رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُمَا. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَثْنُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ كُلُّهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُنْتَسِبِينَ إِلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهُمْ يُوَافِقُونَ ابْنَ كِلَابٍ عَلَى أَصْلِهِ الَّذِي كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُنْكِرُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى سَائِرِ أَتْبَاعِهِ الْكِلَابِيَّةِ وَأَمَرَ بِهَجْرِ الْإِمَامِ الْحَارِثِ الْمُحَاسَبِيِّ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ مِنْ أَجْلِهِ، كَمَا يُوَافِقُهُ عَلَى أَصْلِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامَيْنِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بَلْ وَأَصْحَابُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَأَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ الْمَالِكِيِّ، وَأَبِي مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيِّ الْحَنَفِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ تُنْكِرُ أَنْ يُقَالَ: " قَطْعًا " فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ مَعَ غُلُوِّهِمْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى صَارَ هَذَا اللَّفْظُ - يَعْنِي قَطْعًا - مُنْكَرًا عِنْدَهُمْ، وَإِنْ جَزَمُوا بِالْمَعْنَى فَيَجْزِمُونَ بِأَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيُّهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ وَلَا يَقُولُونَ: قَطْعًا. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - فِي كِتَابِهِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ: وَقَدِ اجْتَمَعَ بِي طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَنْكَرْتُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَامْتَنَعْتُ مِنْ فِعْلِ مَطْلُوبِهِمْ حَتَّى يَقُولُوا " قَطْعًا "

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 434
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست