responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 287
الْخِلَافَ مَعَهُمْ فِيهِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِثْبَاتُ الْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ، وَأَرْبَابُهُ يَقُولُونَ بِإِثْبَاتِهِ وَيُصَرِّحُونَ بِنَفْيِ الْإِيجَابِ قَبْلَ الشَّرْعِ عَلَى الْعَبْدِ، وَيَنْفِي إِيجَابَ شَيْءٍ عَلَى اللَّهِ الْبَتَّةَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ كَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ، وَالشَّافِعِيَّةِ كَسَعْدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيِّ الْإِمَامِ الْمَشْهُورِ وَغَيْرِهِ، وَلِهَؤُلَاءِ فِي نَفْيِ الْإِيجَابِ الْعَقْلِيِّ فِي الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَثُبُوتِهِ خِلَافٌ.
قَالَ: فَالْأَقْوَالُ أَرْبَعَةٌ لَا مَزِيدَ عَلَيْهَا، أَحَدُهَا: نَفْيُ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَنَفْيُ الْإِيجَابِ الْعَقْلِيِّ فِي الْعَمَلِيَّاتِ دُونَ الْعِلْمِيَّاتِ، كَالْمَعْرِفَةِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ، فَعَرَّفَ أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَبَيْنَ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ الْعَقْلِيَّيْنِ، فَهَذَا أَحَدُ الْمَقَامَيْنِ.

(وَأَمَّا الْمَقَامُ الثَّانِي) : وَهُوَ انْتِفَاءُ اللَّازِمِ وَثُبُوتُهُ، فَالنَّاسُ فِيهِ هَاهُنَا ثَلَاثُ طُرُقٍ. أَحَدُهُمَا: الْتِزَامُ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ الْعَقْلِيَّيْنِ شَاهِدًا وَغَائِبًا. وَهَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ، هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: يَتَرَتَّبُ الْوُجُوبُ شَاهِدًا وَيَتَرَتَّبُ الْمَدْحُ وَالذَّمُّ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الصِّفَاتُ فَلَهُمْ فِيهَا اخْتِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، فَمَنْ أَثْبَتَهُ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْعَذَابَ الثَّابِتَ بَعْدَ الْإِيجَابِ الشَّرْعِيِّ نَوْعٌ آخَرُ غَيْرُ الْعَذَابِ الثَّابِتِ عَلَى الْإِيجَابِ الْعَقْلِيِّ، وَبِذَلِكَ يُجِيبُونَ عَنِ النُّصُوصِ النَّافِيَةِ لِلْعَذَابِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ. وَأَمَّا الْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ الْعَقْلِيَّانِ غَائِبًا فَهُمْ مُصَرِّحُونَ بِهِمَا وَيُفَسِّرُونَ ذَلِكَ بِاللُّزُومِ الَّذِي أَوْجَبَتْهُ حِكْمَتُهُ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ خِلَافُهُ، كَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْحَاجَةُ، وَالنَّوْمُ، وَالتَّعَبُ، وَاللُّغُوبُ، فَهَذَا مَعْنَى الْوُجُوبِ وَالِامْتِنَاعِ فِي حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - عِنْدَهُمْ، فَهُوَ وُجُوبٌ اقْتَضَتْهُ ذَاتُهُ وَحِكْمَتُهُ، وَامْتِنَاعٌ مُسْتَحِيلٌ عَلَيْهِ الِاتِّصَافُ بِهِ لِمُنَافَاتِهِ كَمَالَهُ وَغِنَاهُ، قَالُوا: وَهَذَا فِي الْأَفْعَالِ نَظِيرُ مَا يَقُولُ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي الصِّفَاتِ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ كَذَا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ كَذَا، فَكَمَا أَنَّ ذَاكَ وُجُوبٌ وَامْتِنَاعٌ ذَاتِيٌّ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ خِلَافُهُ، فَهَكَذَا مَا تَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ وَتَأْبَاهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْإِخْلَالُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَقْدُورًا لَهُ، لَكِنَّهُ لَا يُخِلُّ بِهِ لِكَمَالِ حِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ وَغِنَاهُ. (الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ) مَنَعَتْ ذَلِكَ جُمْلَةً وَأَحَالَتِ الْقَوْلَ بِهِ وَجَوَّزَتْ عَلَى الرَّبِّ - تَعَالَى - كُلَّ شَيْءٍ مُمْكِنٍ، وَرَدَّتِ الْإِحَالَةَ وَالِامْتِنَاعَ فِي أَفْعَالِهِ - تَعَالَى - إِلَى غَيْرِ الْمُمْكِنِ مِنَ الْمُحَالَاتِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ وَبَابِهِ، فَقَابَلُوا الْمُعْتَزِلَةَ أَشَدَّ مُقَابَلَةٍ وَاقْتَسَمَا طَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ، وَرَدَّ هَؤُلَاءِ الْوُجُوبَ، وَالتَّحْرِيمَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ إِلَى مُجَرَّدِ صِدْقِ الْخَبَرِ، فَمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ يَكُونُ فَهُوَ وَاجِبٌ لِتَصْدِيقِ

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست