responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 262
فَأَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَالَ قُلْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كَانَ أَغْيَرَ عَلَى رَبِّهِ مِنْكَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي كِتَابِ الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ: مَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالنَّفْسِ فَهُوَ لَهُ صِفَاتٌ بِلَا كَيْفٍ، وَلَا يُقَالُ إِنَّ يَدَهُ قُدْرَتُهُ وَنِعْمَتُهُ، لِأَنَّ فِيهِ إِبْطَالَ الصِّفَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْقَدَرِ وَالِاعْتِزَالِ، وَلَكِنَّ يَدَهُ صِفَتُهُ بِلَا كَيْفٍ، وَغَضَبُهُ وَرِضَاهُ صِفَتَانِ مِنْ صِفَاتِهِ بِلَا كَيْفٍ.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْهُمَامِ أَنَّ الْأُصْبُعَ وَالْيَدَ صِفَةٌ لَهُ تَعَالَى لَا بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ بَلْ عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بِهِ هُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَّالِيُّ فِي كِتَابِهِ " إِلْجَامِ الْعَوَّامِ " فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْهُ: اعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ الصَّحِيحَ الَّذِي لَا مِرَاءَ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَصَائِرِ، هُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ أَعْنِي الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -. ثُمَّ قَالَ: حَقِيقَةُ مَذْهَبِ السَّلَفِ وَهُوَ الْحَقُّ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ بَلَغَهُ حَدِيثٌ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنْ عَوَامِّ الْخَلْقِ يَجِبُ عَلَيْهِ سَبْعَةُ أُمُورٍ، التَّقْدِيسُ ثُمَّ التَّصْدِيقُ ثُمَّ الِاعْتِرَافُ بِالْعَجْزِ ثُمَّ السُّكُوتُ ثُمَّ الْكَفُّ ثُمَّ الْإِمْسَاكُ ثُمَّ التَّسْلِيمُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.
(فَالتَّقْدِيسُ) تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنِ الْجِسْمِيَّةِ وَتَوَابِعِهَا، (وَالتَّصْدِيقُ) الْإِيمَانُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرَ حَقٌّ، وَهُوَ فِيمَا قَالَهُ صَادِقٌ، وَأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالَهُ وَأَرَادَهُ، (وَالِاعْتِرَافُ بِالْعَجْزِ) أَنْ يُقِرَّ أَنَّ مَعْرِفَةَ مُرَادِهِ لَيْسَ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ وَحِرْفَتِهِ، (وَالسُّكُوتُ) بِأَنْ لَا يَسْأَلَ عَنْ مَعْنَاهُ وَلَا يَخُوضَ فِيهِ مُخَاطِرًا بِدِينِهِ، وَأَنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَكْفُرَ لَوْ خَاضَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ. وَأَمَّا (الْإِمْسَاكُ) فَأَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ بِالتَّصْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ بِلُغَةٍ أُخْرَى وَالزِّيَادَةِ فِيهَا وَالنُّقْصَانِ مِنْهَا وَالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ، بَلْ أَلَّا يَنْطِقَ لَا بِذَلِكَ اللَّفْظِ وَعَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مِنَ الْإِيرَادِ وَالْإِعْرَابِ وَالتَّصْرِيفِ وَالصِّيغَةِ، (وَأَمَّا الْكَفُّ) فَبِأَنْ يَكُفَّ بَاطِنَهُ عَنِ الْبَحْثِ عَنْهُ وَالتَّفَكُّرِ فِيهِ، (وَأَمَّا التَّسْلِيمُ) لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَأَنْ لَا يَعْتَقِدَ أَنَّ ذَلِكَ إِنْ خَفِيَ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ فَقَدْ خَفِيَ عَلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ عَلَى الصِّدِّيقِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ، انْتَهَى، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ مَا هُوَ تَعَالَى غَيْرُهُ فَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 262
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست