responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 240
فَمَا خَفَّى عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» ". وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْقُرْطُبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: فِي هَذَا نَفْيُ نَقْصِ الْعَوَرِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِثْبَاتُ الْعَيْنِ لَهُ صِفَةً وَعَرَفْنَا بِقَوْلِهِ " {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] " إِنَّهَا لَيْسَتْ بِحَدَقَةٍ
وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: قَدْ وَرَدَ السَّمْعُ بِإِثْبَاتِ صِفَةٍ لَهُ تَعَالَى، وَهِيَ الْعَيْنُ فَتَجْرِي مَجْرَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِثْبَاتَ عَيْنٍ، هِيَ حَدَقَةٌ مَاهِيَّتُهَا شَحْمَةٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ جِسْمٍ مُحْدَثٍ، وَاللَّهُ يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي وُصِفَ بِهَا الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا فَهِيَ مُنَاسِبَةٌ لِذَاتِهِ فِي كَوْنِهَا غَيْرَ جِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، فَلَا يُعْرَفُ لَهَا مَاهِيَّةٌ وَلَا كَيْفِيَّةٌ، قَالُوا: وَقَدِ امْتَنَعَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ، مِنْ أَنْ يُقَالَ لِلَّهِ تَعَالَى عَيْنٌ، فَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَنَفَوُا الْعَيْنَ وَالْبَصَرَ، فَهُمْ عَلَى جَادَّتِهِمْ، وَأَمَّا الْأَشْعَرِيَّةُ فَنَفَوْا صِفَةَ الْعَيْنِ، وَأَثْبَتُوا صِفَةَ الْبَصَرِ، فَيَضْعُفُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُوَافِقُونَ عَلَى أَنَّهُ يُبْصِرُ بِبَصَرٍ، وَإِنَّمَا امْتَنَعُوا مِنْ تَسْمِيَةِ عَيْنٍ لِمَا اسْتَوْحَشُوا مِنَ الْعَيْنِ فِي الشَّاهِدِ، فَقَالُوا بِالتَّأْوِيلَاتِ، وَمِنَ الْمَفَاسِدِ قِيَاسُ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ.
وَقَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] أَيْ بِمَرْأًى مِنَّا وَنَحْنُ نَرَاهَا، قَالُوا: أَوِ الْمُرَادُ بِأَعْيُنِنَا يَحْفَظُنَا وَكَلَاءَتَنَا، قَالُوا: أَوِ الْمُرَادُ بِهِ أَعْيُنُ الْمَاءِ أَيْ تَجْرِي بِأَعْيُنٍ خَلَقْنَاهَا وَفَجَّرْنَاهَا فَهِيَ إِضَافَةُ مِلْكٍ وَخَلْقٍ لَا إِضَافَةُ صِفَةٍ ذَاتِيَّةٍ، أَوِ الْمُرَادُ تَجْرِي بِأَوْلِيَائِنَا وَخِيَارِ خَلْقِنَا، وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] أَيْ تُرَبَّى وَتُغَذَّى عَلَى مَرْأًى مِنَى، وَكَذَا " {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48] " أَيْ بِمَرْأًى مِنَّا وَفِي حِفْظِنَا
وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْعَيْنُ مُؤَوَّلَةٌ بِالْبَصَرِ أَوِ الْإِدْرَاكِ، بَلْ قِيلَ إِنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي ذَلِكَ، خِلَافًا لِتَوَهُّمِ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهَا مَجَازٌ، قَالَ وَإِنَّمَا الْمَجَازُ فِي تَسْمِيَةِ الْعُضْوِ بِهَا، وَذَكَرَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْكُورَانِيُّ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ شَيْخِهِ الشَّيْخِ (أَحْمَدَ بْنِ) مُحَمَّدِ الْمَقْدِسِيِّ الْقُشَاشِيِّ مَا لَفْظُهُ: ثُمَّ وَقَفْتُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ الْأَشْعَرِيِّ فِي - الْإِبَانَةِ - الَّذِي هُوَ آخِرُ مُصَنَّفَاتِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمُعْتَقَدِ عَلَى مَا يَشُدُّ أَرْكَانَ مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَأَنَّ لَهُ تَعَالَى عَيْنَيْنِ بِلَا كَيْفٍ، وَأَنَّ لِلَّهِ عِلْمًا، وَنُثْبِتُ لِلَّهِ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ، وَلَا نَنْفِي ذَلِكَ كَمَا نَفَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْخَوَارِجُ، قَالَ الْكُورَانِيُّ فَصَرَّحَ بِإِثْبَاتِ الْعَيْنَيْنِ بِلَا كَيْفٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، انْتَهَى
وَقَالَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 240
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست