responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 233
قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ لَمْ يُفَسِّرُوا مَا وَرَدَ مِنَ الْآيِ وَالْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ بِأَجْمَعِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ، لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّبْعِيضُ، قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ يُرَادُ بِهِ الْيَدُ، وَالْيَدُ لِلَّهِ صِفَةٌ بِلَا جَارِحَةٍ، فَكُلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَتْ فِيهِ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ فَالْمُرَادُ بِذِكْرِهَا تَعَلُّقُهَا بِالْمَكَانِ الْمَذْكُورِ مَعَهَا مِنَ الطَّيِّ وَالْأَخْذِ وَالْقَبْضِ وَالْبَسْطِ وَالْقَبُولِ وَالْإِنْفَاقِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ تَعَلُّقُ الصِّفَةِ الذَّاتِيَّةِ بِمُقْتَضَاهَا مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ وَلَا مُمَاسَّةٍ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَشْبِيهٌ بِحَالٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ السَّلَفِ وَالْحَنَابِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَلَيْسَ مَعْنَى الْيَدِ عِنْدِي الْجَارِحَةُ، وَإِنَّمَا هِيَ صِفَةٌ جَاءَ بِهَا التَّوْقِيفُ فَنَحْنُ نُطْلِقُهَا عَلَى مَا جَاءَتْ، وَلَا نُكَيِّفُهَا، وَنَنْتَهِي إِلَى حَيْثُ انْتَهَى بِهَا الْكِتَابُ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، انْتَهَى.
وَقَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ مَا فِي تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ وَغَيْرِهِ فِي الْآيَةِ هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى عَظَمَتِهِ، وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْأَفْعَالِ الْعِظَامِ الَّتِي تَتَحَيَّرُ فِيهَا الْأَفْهَامُ، وَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ تَخْرِيبَ الْعَالَمِ أَهْوَنُ شَيْءٍ عَلَيْهِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِ وَالتَّخْيِيلِ، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْقَبْضَةِ وَالْيَمِينِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ لِبَيَانِ تَصْوِيرِ عَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَإِنَّ الْمَلَكُوتَاتِ كُلَّهَا مُنْقَادَةٌ لِإِرَادَتِهِ وَمُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْقَبْضَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ كَقَوْلِهِمْ: مَا فُلَانٌ إِلَّا فِي قَبْضَتِي أَيْ قُدْرَتِي، وَيَقُولُونَ: الْأَشْيَاءُ فِي قَبْضَةِ اللَّهِ أَيْ فِي مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ، قَالُوا: وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَخْرُجُ الْآيَةُ وَالْأَحَادِيثُ، كَحَدِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ " «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حَكَمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا» " وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ، إِمَّا نُؤْمِنُ بِهَا وَلَا نَتَكَلَّمُ بِتَأْوِيلٍ، وَنَعْتَقِدُ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ لَهَا مَعْنًى يَلِيقُ بِاللَّهِ، أَوْ تُؤَوَّلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِمْ عَلَى الْيَمِينِ عَلَى الْحَالَةِ الْحَسَنَةِ وَالْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ، وَقَوْلُهُ " «وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» " فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَمِينِ الْجَارِحَةَ وَأَنَّ يَدَيْهِ تَعَالَى بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَا نَقْصَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الشِّمَالَ تَنْقُصُ عَلَى الْيَمِينِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَقَدْ تَكُونُ الْيَمِينُ

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست