responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 212
فَهِيَ لِلْحَيَوَانِ، وَلَيْسَ لَهَا فِي نَفْسِهَا صِفَةٌ لَازِمَةٌ، بَلْ هِيَ بِحَسَبِ الْإِضَافَةِ فَيَكُونُ يَمِينُ هَذَا مَا يَكُونُ يَسَارَ هَذَا، وَيَكُونُ أَمَامَ هَذَا مَا يَكُونُ خَلْفَ هَذَا، وَيَكُونُ فَوْقَ هَذَا مَا يَكُونُ تَحْتَ هَذَا.
لَكِنَّ جِهَةَ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ لِلْأَفْلَاكِ لَا تَتَغَيَّرُ فَالْمُحِيطُ هُوَ الْعُلُوُّ وَالْمَرْكَزُ هُوَ السُّفْلُ مَعَ أَنَّ وَجْهَ الْأَرْضِ الَّتِي وَضَعَهَا اللَّهُ لِلْأَنَامِ وَأَرْسَاهَا بِالْجِبَالِ، هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ وَالشَّجَرُ، وَالنَّبَاتُ وَالْجِبَالُ، وَالْأَنْهَارُ الْجَارِيَةُ، فَأَمَّا النَّاحِيَةُ الْأُخْرَى مِنَ الْأَرْضِ فَالْبَحْرُ مُحِيطٌ بِهَا، وَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ مِنَ الْآدَمِيِّينَ، وَمَا يَتْبَعُهُمْ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ هُنَاكَ أَحَدٌ لَكَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ، وَلَمْ يَكُنْ مَنْ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ تَحْتَ مَنْ فِي هَذِهِ، وَلَا مَنْ فِي هَذِهِ تَحْتَ مَنْ فِي هَذِهِ،
كَمَا أَنَّ الْأَفْلَاكَ مُحِيطَةٌ بِالْمَرْكَزِ وَلَيْسَ أَحَدُ جَانِبَيِ الْفَلَكِ تَحْتَ الْآخَرِ، وَلَا الْقُطْبُ الْجَنُوبِيُّ وَلَا بِالْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَ الشَّمَالِيُّ هُوَ الظَّاهِرَ لَنَا فَوْقَ الْأَرْضِ وَارْتِفَاعُهُ بِحَسَبِ بُعْدِ النَّاسِ عَنْ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ، فَمَا كَانَ بُعْدُهُ عَنْ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ ثَلَاثِينَ دَرَجَةً مَثَلًا كَانَ ارْتِفَاعُ الْقُطْبِ عِنْدَهُ ثَلَاثُونَ دَرَجَةً، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى عَرْضُ الْبَلَدِ، فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْعَرْشَ مُسْتَدِيرٌ مُحِيطٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ كَانَ هُوَ أَعْلَاهَا وَسَقْفَهَا، وَهُوَ فَوْقَهَا مُطْلَقًا فَلَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ وَإِلَى مَا فَوْقَهُ الْإِنْسَانُ إِلَّا مِنَ الْعُلُوِّ لَا مِنْ جِهَاتِهِ الْبَاقِيَةِ أَصْلًا، وَمَنْ تَوَجَّهَ إِلَى الْفَلَكِ التَّاسِعِ أَوِ الثَّامِنِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْعُلُوِّ كَانَ جَاهِلًا بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، فَكَيْفَ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْعَرْشِ أَوْ إِلَى مَا فَوْقَهُ؟ وَغَايَةُ مَا يُقَدَّرُ أَنْ يَكُونَ كُرِّيَّ الشَّكْلِ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا إِحَاطَةً تَلِيقُ بِجَلَالِهِ، فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضَ فِي يَدِهِ أَصْغَرُ مِنِ الْحُمُّصَةِ فِي يَدِ أَحَدِنَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ فِي يَدِ الرَّحْمَنِ إِلَّا كَخَرْدَلَةٍ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ. وَهَذَا الْأَثَرُ وَأَمْثَالُهُ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا، وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى، إِذَا كَانَ عِنْدَهُ خَرْدَلَةٌ إِنْ شَاءَ قَبَضَهَا فَأَحَاطَتْ بِهَا قَبْضَتُهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبِضْهَا بَلْ جَعَلَهَا تَحْتَهُ فَهُوَ فِي الْحَالَيْنِ مُبَايِنٌ لَهَا، وَالْعَرْشُ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْفَلَكُ التَّاسِعُ الَّذِي هُوَ الْفَلَكُ الْأَطْلَسُ عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ، وَيُسَمُّونَهُ الْفَلَكَ الْأَعْظَمَ، وَفَلَكَ الْأَفْلَاكِ، أَوْ كَانَ جِسْمًا مُحِيطًا بِالْفَلَكِ التَّاسِعِ أَوْ كَانَ فَوْقَهُ مِنْ جِهَةِ وَجْهِ الْأَرْضِ غَيْرَ مُحِيطٍ بِهِ، فَيَجِبُ

اسم الکتاب : لوامع الأنوار البهية المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست