اسم الکتاب : كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن الجزء : 1 صفحة : 166
وقوله: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْء} [1] فإن قوله: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} يفيد الحصر؛ أي: فدعوة الحق له لا لغيره، فدعوة غيره ليست من الحق في شيء، وقوله: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} ، فهذا الاسم لا يستعمل إلا في حق من يعقل، كما هو معروف عند النحاة، وقوله: {لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْء} ، فيه دليل على أن المراد دعاء المسألة، فأخبر سبحانه أنهم لو دعوهم فإجابتهم لهم فيما سألوهم ممتنعة منتفية بالكلية، وقوله: {إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلال} [2] ؛ لأنهم لم يجدوا مما طلبوه وأمَّلوه منهم شيئاً، وبيَّن تعالى أن دعوة غيره كفر وضلال.
وهذه الآية وأمثالها تقطع كل من دعا غير الله، من ميت أو غائب ولهذا أعدت الاستدلال بها، فإن أصل دين الإسلام أن لا يعبد إلا الله، وأن لا يعبد إلا بما شرع، لا بالأهواء والبدع، وليس في الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة من أجاز أن يسأل ميت أو غائب من دون الله؛ لأنه لا قدرة له على شيء من أمر الدنيا، ولا من أمر الآخرة، مع غفلتهم وعدم استجابتهم لمن دعاهم، وكراهتهم لذلك، وقد تقدم التصريح بذلك في الآيات المحكمات، ولم ينقل عن أحد من علماء الصحابة والتابعين والأئمة أنه استغاث بنبي أو غيره، أو استشفع به بعد وفاته، ولما أعتقد أناس في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الألهية، كاعتقاد كثير من هؤلاء في أرباب القبور خد الأخاديد وأضرمها [1] سورة الرعد، الآية: 14. [2] سورة الرعد، الآية: 14.
اسم الکتاب : كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن الجزء : 1 صفحة : 166