responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 45
الذي بعث الله به أنبياءه ورسله وأوجب عليهم العمل به والدعوة إليه، وهذا الذي يقربهم إلى الله أي إلى عفوه ورضاه، ووصف ذلك بقوله: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [1] فلا يرجون أحدا سواه ولا يخافون غيره، وذلك هو توحيده؛ لأن ذلك يمنعهم من الشرك ويوجب لهم الطمع في رحمة الله والهرب من عقابه، والداعي لهم والحالة هذه قد عكس الأمر وطلب منهم ما كانوا ينكرون من الشرك بالله في دعائهم لمن كانوا يدعونه من دون الله، ففيه معنى قوله: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} [2] وقوله: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [3] وفيه الرد على من ادعى أن شرك المشركين إنما هو بعبادة الأصنام، وتبين بهذه الآية أن الله تعالى أنكر على من دعا معه غيره من الأنبياء والصالحين والملائكة ومن دونهم، وأن دعاء الأموات والغائبين لجلب نفع أو دفع ضر من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، وأن ذلك ينافي ما دلت عليه كلمة الإخلاص، فتدبر هذه الآية العظيمة يتبين لك التوحيد، وما ينافيه من الشرك والتنديد، فإنها نزلت فيمن يعبد الملائكة والمسيح وأمه والعزير فهم المعنيون بقوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [4]، ثم بين تعالى أن هؤلاء المشركين قد خالفوا من كانوا يدعونه في دينه فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [5]، وقدم المعمول لأنه يفيد الحصر، يعني يبتغون إلى ربهم الوسيلة لا إلى غيره، وأعظم الوسائل إلى الله تعالى التوحيد الذي بعث الله به أنبياءه ورسله وخلق الخلق لأجله.
ومن التوسل إليه التوسل بأسمائه وصفاته كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [6] وكما ورد في الأذكار المأثورة من التوسل بها في الدعوات كقوله: " اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام " [7]. وقوله: " اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " [8]وغير ذلك من الأعمال الصالحة الخالصة التي لم يشبها شرك، فالتوسل إلى الله هو بما يحبه ويرضاه لا بما يكرهه ويأباه من الشرك الذي نزه نفسه عنه بقوله: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [9]، وقوله: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [10]، وقوله في الإنكار على من اتخذ

[1] سورة الإسراء آية: 57.
[2] سورة فاطر آية: 14.
[3] سورة الأحقاف آية: 6.
[4] سورة الإسراء آية: 56.
[5] سورة الإسراء آية: 57.
[6] سورة الأعراف آية: 180.
[7] أبو داود رقم (1495) في الصلاة: باب الدعاء , والترمذي رقم (3538) في الدعوات: باب رقم 109، والنسائي 3 / 52 في السهو: باب الدعاء بعد الذكر , وأحمد 3/ 120 , وابن ماجه رقم (3858) , من حديث أنس رضي الله عنه , وصححه ابن حبان رقم (2382) " موارد "، والحاكم 1 / 503 و 504 ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
[8] أبو داود رقم (1492) في الصلاة: باب الدعاء , والترمذي رقم (2471) في الدعوات: باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وابن ماجه رقم (3857) , وأحمد في "المسند " 5/ 360 وهو حديث صحيح , وصححه ابن حبان رقم (2383) والحاكم 1/ 504 ووافقه الذهبي , من حديث بريدة رضي الله عنه , ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: "اللهم إني أسألك ... " الحديث.
[9] سورة الطور آية: 43.
[10] سورة يوسف آية: 108.
اسم الکتاب : كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست