اسم الکتاب : قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 119
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فرجعت إلى ربي وهو في مكانه» [1] . والحديث بطوله مخرج في الصحيحين، والمنكر لهذه اللفظة، بعد ورود الحديث راد على الله ورسوله وفي خطر عظيم. [1] الحديث الذي أشار إليه المؤلف - رحمه الله - في البخاري (13 / 478 فتح الباري) من طريق شريك بن عبد الله عن أنس بن مالك في حديث طويل في قصة الإسراء فيه: ". . . فدنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى. فعلا به الجبار فقال وهو في مكانه يا رب خفف عنا. . . ".
فائدة: ولقد ذكر الخطابي في نقده لحديث شريك: " في هذا الحديث لفظة أخرى تفرد بها شريك أيضا لم يذكرها غيره وهي قوله. " فعلا به - يعني جبريل - إلى الجبار تعالى وهو في مكانه فقال: يا رب خفف عنا " " لكن قال الحافظ ابن حجر عقبه: " ليس في السياق تصريح بإضافة المكان إلى الله تعالى " فتح الباري (13 / 484) .
وقد وقع في شرح الطحاوية (ص 248) في سياق حديث الإسراء: " فعلا به جبرائيل حتى أتى به إلى الجبار تبارك وتعالى وهو في مكانه " وعزاه للبخاري. وما ذكرته وسقته هو نص البخاري وهو يؤيد ما قاله ابن حجر.
تحقيق حديث شريك:
حديث شريك بن عبد الله بن أبي نمر ذكره مسلم (263) من طريقه قال: " سمعت أنس بن مالك يحدثنا عن ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام، وساق الحديث بقصته نحو حديث ثابت البناني وقدّم فيه وأخّر وزاد ونقص " انتهى كلام الإمام مسلم.
قلت: ومنه تعلم أن قول المؤلف عن الحديث إنه مخرج في الصحيحين - يعني بتلك اللفظة - فيه ما فيه.
قلت: خلاصة الأمر في " شريك " أنه " صدوق يخطئ " كما وصفه الحافظ في " التقريب " وقال في " مقدمة الفتح " (ص 410) بعد ذكر أقوال الأئمة فيه: " احتج به الجماعة إلا أن في روايته عن أنس لحديث الإسراء مواضع شاذة " وقال أيضا في " المقدمة " ص (383) عن حديث شريك: " خالف فيه شريك أصحاب أنس في إسناده ومتنه ". قلت: شريك لم يترك ولذا قال في " الفتح " (13 / 484) : " إن وهم الثقة في موضع من الحديث لا يسقط جميع الحديث ولا سيما إذا كان الوهم لا يستلزم ارتكاب محذور ولو ترك حديث من وهم في تاريخ لترك حديث جماعة المسلمين " وانظر " تهذيب التهذيب " للبسط في ترجمة شريك.
نعود إلى الحديث، فالحديث قد انتصر له جماعة منهم أبو الفضل بن طاهر فصنف فيه جزءا كما في " مقدمة الفتح " (ص 383) .
وتكلم فيه جمع من الحفاظ لتفرد شريك، ولمخالفته غيره، ولاضطرابه، ومن هؤلاء الحفاظ: [1] - مسلم بن الحجاج كما سبق، انظر " صحيحه " (263) .
2 - الخطابي، كما في " فتح الباري " (13 / 483 - 484) .
3 - ابن حزم كما في " الفتح " (13 / 484) .
4 - البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 440 - 441) .
5 - القاضي عياض كما في " هدي الساري " (ص 383) .
6 - عبد الحق الأشبيلي كما في " فتح الباري " (13 / 484) .
7 - النووي كما في " الفتح " (13 / 42) .
8 - ابن قيم الجوزية في " زاد المعاد " (3 / 42) .
9 - ابن كثير في " تفسيره " (5 / 5 - 6) .
10 - الحافظ ابن حجر في " مقدمة الفتح " (ص 410) ، وقد عدّ لشريك اثني عشر وهما في حديثه انظرها في " الفتح " (13 / 485 - 486) .
قلت: بعد ما تقدم أن شريكا انفرد بألفاظ في حديث الإسراء دون غيره، ومن ذلك اللفظ الذي ذكره المؤلف فلذا لا يثبت منه الرؤية لله رب العالمين ليلة الإسراء لكون الحديث شاذا كما يعلم عند أهل الصناعة ولا ضير على من أنكر ما لم يثبت. وأما إن صح الخبر وثبت فالواجب التسليم، ومن لم يسلم فهو على خطر عظيم كما قال المؤلف. والله تعالى أعلم.
اسم الکتاب : قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 119