اسم الکتاب : فضائح الباطنية المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 87
قُلْنَا وَهَذَا السُّؤَال أَيْضا فَاسد فانا لَا ننكر الْحَاجة الى التَّعَلُّم بل الْعُلُوم منقسمة الى ثَلَاثَة أَقسَام قسم لَا يُمكن تَحْصِيله الا بِالسَّمَاعِ والتعلم كالإخبار عَمَّا ممضى من الوقائع ومعجزات الاننبياء وَمَا يَقع فِي الْقِيَامَة واحوال الْجنَّة وَالنَّار فَهَذَا لَا يعرف الا بِالسَّمَاعِ من النَّبِي الْمَعْصُوم اَوْ بالْخبر الْمُتَوَاتر عَنهُ فان سمع بقول الْآحَاد حصل بِهِ علم ظَنِّي لَا يقيني هَذَا قسم وَالْقسم الآخر من الْعُلُوم النظرية الْعَقْلِيَّة فَلَيْسَ فِي الْفطْرَة مَا يرشد الى الْأَدِلَّة فِيهِ بل لَا بُد فِيهِ من التَّعَلُّم لَا ليقلد الْمعلم فِيهِ بل لينبهه الْمعلم على طَرِيقه ثمَّ يرجع الْعَاقِل فِيهِ الى نَفسه فيدركه بنظره وَعند هَذَا فَلْيَكُن الْمعلم من كَانَ وَلَو افسق الْخلق واكذبهم فَإنَّا لسنا نقلده بل نتنبه بتنبيهه فَلَا نحتاج فِيهِ الى مَعْصُوم وَهِي كالعلوم الحسابية والهندسية لَا تعلم بالفطرة وتحتاج الى الْمعلم ونستغني عَن معلم مَعْصُوم بل يتَعَلَّم طَرِيق الْبُرْهَان ويساوي المتعلم الْمعلم بعد النّظر فِي العقليات عندنَا فالحسابيات عِنْدهم وَكم من شخص يغلط فِي الحسابيات ثمَّ يتَنَبَّه بالاخرة بعد زمَان وَذَلِكَ لَا يشكك فِي الادلة والبراهين الحسابية وَلَا يحْتَمل الافتقار فِيهَا الى معلم مَعْصُوم
الْقسم الثَّالِث الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة الْفِقْهِيَّة وَهُوَ معرفَة الْحَلَال وَالْحرَام وَالْوَاجِب وَالنَّدْب وَاصل هَذَا الْعلم السماع من صَاحب الشَّرْع وَالسَّمَاع مِنْهُ يُورث الْعلم الا ان هذالا يُمكن تَحْصِيل الْعلم الْقطعِي فِيهِ على الاطلاق فِي حق كل شخص وَفِي كل وَاقعَة بل لابد من الِاكْتِفَاء بِالظَّنِّ فِيهِ ضَرُورَة فِي طَرِيقين احدهما فِي المستمعين فان الْخلق فِي عصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انقسموا أى من شَاهد فَسمع وَتحقّق وَعرف
اسم الکتاب : فضائح الباطنية المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 87