اسم الکتاب : فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية - ت علي مخلوف المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 9
الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان» [1] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة» وذو الخلصة: طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية [2] وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى» [3] .
إذا علمت ذلك أفادك فائدتين:
الأولى: الفرح بفضل الله وبرحمته، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]
الثانية: الخوف العظيم من الشرك، فإن سادات الأولياء خافوا منه كمثل نبي الله وخليله إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم فقد قال الله عنه أنه دعا ربه بقوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35] وقال نبي الله وخليله محمد صلى الله عليه وآله وسلم: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم» [4] وخصوصا أن الله قص علينا في القرآن الكريم عن قوم موسى عليه السلام مع صلاحهم وعلمهم، وأن الله فضلهم على أهل زمانهم، بدليل قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47] مع ذلك طلبوا من نبيهم أن يجعل لهم إلها غير الله يعبدونه، كما أن للمشركين آلهة يعبدونها، قال تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138] يعني: تجهلون عظمة الله، وما ينبغي أن ينزه عنه من الشريك.
واعلم أن الله سبحانه من حكمته أنه جعل لكل نبي عدوا، والدليل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112] [1] صحيح: رواه أبو داود في (الفتن والملاحم ذكر الفتن ودلائلها: 4252) . [2] متفق عليه: رواه البخاري في (الفتن باب: تغير الزمان حتى تعبد الأوثان: 7116) واللفظ له، ومسلم في (الفتن: 7298) وفيه: ". . حول ذي الخلصة "، وكانت صنما تعبدها دوس في الجاهلية، بتباله. [3] رواه في (كتاب الفتن: 7299) . [4] رواه البخاري في " الأدب المفرد " (716) .
اسم الکتاب : فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية - ت علي مخلوف المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 9