لا حج عليه. وأما الصلاة والزكاة فلهما شأن ليس لسائر الفرائض ولهذا ذكر الله تعالى في كتابه القتال عليهما؛ لأنهما عبادتان ظاهرتان بخلاف الصوم، فإنه أمر باطن من جنس الوضوء والاغتسال من الجنابة، ونحو ذلك مما يؤتمن عليه العبد، فإن الإنسان يمكنه أن لا ينوي الصوم وأن يأكل سرا، كما يمكنه أن يكتم حدثه وجنابته، وهو يذاكر في الأعمال الظاهرة التي يقاتل الناس عليها ويصيرون مسلمين بفعلها. فلهذا علق ذلك بالصلاة والزكاة دون الصوم، وإن كان واجبا كما في آيتي براءة[1] نزلت بعد فرض الصيام باتفاق الناس. وكذلك لما بعث معاذا إلى اليمن لم يذكر في حديثه الصوم؛ لأنه تبع وهو باطن، ولا ذكر الحج؛ لأن وجوبه خاص ليس بعام، ولا يجب في العمر إلا مرة. انتهى بمعناه [2].
قوله: "أخرجاه" أي البخاري ومسلم، وأخرجه أيضا أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
قال: "ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه. فبات الناس يدوكون ليلتهم، أيهم يعطاها. فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلي الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي ابن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه فأتي به، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، [1] هما قوله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم) الآية الخامسة. ومثلها الآية الحادية عشرة، وخاتمتها: (فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون) . [2] ولعل الصواب ما أجاب به بعض العلماء من اختصار الراوي للحديث. وليس في ذلك طعن في الرواة؛ لأنهم كانوا يروون الحديث بحسب الظروف والمناسبات. فقد تكون المناسبة مقتضية لبعض الحديث فيقتصر على هذا البعض. وذلك كثير جدا; كما تراه في البخاري وغيره - والله أعلم -.