حق بقية الأصناف الثمانية.
وفيه: أن الإمام هو الذي يتولى قبض الزكاة وصرفها: إما بنفسه أو نائبه، فمن امتنع عن أدائها إليه أخذت منه قهرا.
وفي الحديث دليل على أنه يكفي إخراج الزكاة في صنف واحد، كما هو مذهب مالك وأحمد.
وفيه: أنه لا يجوز دفعها إلى غني ولا إلى كافر غير المؤلف، وأن الزكاة واجبة في مال الصبي والمجنون، كما هو قول الجمهور؛ عموم الحديث.
قلت: والفقير إذا أفرد في اللفظ تناول المسكين وبالعكس، كنظائره. كما قرره شيخ الإسلام.
قوله: " إياك وكرائم أموالهم " بنصب "كرائم" على التحذير، وجمع كريمة. قال صاحب المطالع: "هي الجامعة للكمال الممكن في حقها: من غزارة لبن، وجمال صورة، وكثرة لحم وصوف". ذكره النووي "قلت" وهي خيار المال وأنفسه وأكثره ثمنا.
وفيه: أنه يحرم على العامل في الزكاة أخذ كرائم المال، ويحرم على صاحب المال إخراج شرار المال. بل يخرج الوسط، فإن طابت نفسه بالكريمة جاز[2].
قوله: " واتق دعوة المظلوم " [3] أي اجعل بينك وبينها وقاية بالعدل وترك الظلم، وهذان الأمران يقيان من رزقهما من جميع الشرور دنيا وأخرى. وفيه تنبيه على التحذير من جميع أنواع الظلم.
1 البخاري: الزكاة (1395 ,1458 ,1496) والمغازي (4347) والتوحيد (7372) , ومسلم: الإيمان (19) , والترمذي: الزكاة (625) , والنسائي: الزكاة (2435) , وأبو داود: الزكاة (1584) , وابن ماجه: الزكاة (1783) , وأحمد (1/233) , والدارمي: الزكاة (1614) . [2] في قرة العيون: تحذير له من أن يتجاوز ما شرعه الله ورسوله في الزكاة, وهو أخذها من أوساط المال؛ لأن ذلك سبب لإخراجها بطيب نفس ونية صحيحة. وكل ما زاد على المشروع فلا خير فيه. وهذا أصل ينبغي التفطن له. [3] في قرة العيون: يدل على أن العامل إذا زاد على المشروع صار ظالما لمن أخذ ذلك منه، ودعوة المظلوم مقبولة ليس بينها وبين الله حجاب يمنع قبولها. فعلى العامل أن يتحرى العدل فيما استعمل فيه، فلا يظلم بأخذ زيادة على الحق، ولا يحابي بترك شيء منه, فعليه أن يقصد العدل من الطرفين, والله أعلم.