responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 432
[1] وقد قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: " بم تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي. فقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله إلى ما يرضي رسول الله " [2]. فمعاذ من أجل علماء الصحابة بالأحكام ومعرفة الحلال من الحرام، ومعرفة أحكام الكتاب والسنة. ولهذا ساغ له الاجتهاد إذا لم يجد للقضية حكما في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بخلاف ما يقع اليوم وقبله من أهل التفريط في الأحكام ممن يجهل حكم الله في كتابه وسنة رسوله، فيظن أن الاجتهاد يسوغ له مع الجهل بأحكام الكتاب والسنة وهيهات. 3
فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين. فقال: ما أحسن هذا! فما لك من الولد؟ قال: شريح، ومسلم، وعبد الله. قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح. قال: فأنت أبو شريح "[4] رواه أبو داود وغيره.
وأما يوم القيامة فلا يحكم بين الخلق إلا الله عز وجل إذا نزل لفصل القضاء بين العباد، فيحكم بين خلقه بعلمه، وهو الذي لا يخفى عليه خافية من أعمال خلقه: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [5].
والحكم يوم القيامة إنما هو بالحسنات والسيئات، فيؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر ظلامته إن كان له حسنات، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم، فطرح على سيئات الظالم لا يزيد على هذا مثقال ذرة، ولا ينقص هذا عن حقه بمثقال ذرة.
قوله: "فإن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين فقال: ما أحسن هذا! ". فالمعنى- والله أعلم- أن أبا شريح لما عرف منه قومه أنه صاحب إنصاف وتحر للعدل بينهم ومعرفة ما يرضيهم من الجانبين صار عندهم مرضيا وهذا هو الصلح؛ لأن مداره على الرضى لا على الإلزام. ولا على الكهان وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، ولا على الاستناد إلى أوضاع أهل الجاهلية من أحكام كبرائهم وأسلافهم التي

[1] تقدم تخريجه برقم (340) .
[2] الترمذي: الأحكام (1327) , وأبو داود: الأقضية (3592) , وأحمد (5/230 ,5/236 ,5/242) , والدارمي: المقدمة (168) .
3 وبخلاف الصنف الآخر: الذين يعنون بأقوال الناس وآرائهم فيحفظونها متونا وشروحا مهما كانت معقدة وطويلة, ثم يقدمونها في العبادات والأحكام بين يدي الله ورسوله, فإنا لله وإنا إليه راجعون. ماذا حرم الناس من خير وهدى وعز وسلطان بهذا العزل لكتاب الله وسنة رسوله عن وظيفتها.
[4] النسائي: آداب القضاة (5387) , وأبو داود: الأدب (4955) .
[5] سورة النساء آية: 40.
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 432
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست