فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من التمس رضا الله بسخط الناس، كفاه الله مئونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، وكله الله إلى الناس ". والسلام عليك. ورواه أبو نعيم في الحلية.
قوله: "من التمس" أي طلب.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية آل عمران.
الثانية: تفسير آية براءة.
الثالثة: تفسير آية العنكبوت.
الرابعة: أن اليقين يضعف ويقوى.
قال شيخ الإسلام: " وكتبت عائشة إلى معاوية، وروي أنها رفعته: " من أرضى الله بسخط الناس، كفاه الله مئونة الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله، لم يغنوا عنه من الله شيئا ". هذا لفظ المرفوع. ولفظ الموقوف: "من أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله عاد حامده من الناس له ذاما". وهذا من أعظم الفقه في الدين؛ فإن من أرضى الله بسخطهم كان قد اتقاه وكان عبده الصالح، والله يتولى الصالحين، والله كاف عبده {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاًوَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [1]. والله يكفيه مئونة الناس بلا ريب. وأما كون الناس كلهم يرضون عنه قد لا يحصل ذلك; لكن يرضون عنه إذا سلموا من الأغراض، وإذا تبين لهم العاقبة. "ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئا" كالظالم الذي يعض على يديه. وأما كون حامده ينقلب ذاما، فهذا يقع كثيرا ويحصل في العاقبة. فإن العاقبة للتقوى لا تحصل ابتداء عند أهوائهم". اهـ.
وقد أحسن من قال:
إذا صح منك الود يا غاية المنى ... فكل الذي فوق التراب تراب
قال ابن رجب -رحمه الله-: فمن تحقق أن كل مخلوق فوق التراب فهو تراب، فكيف يقدم [1] سورة الطلاق آية: 2-3.