الألم الزائل المفارق عن قرب. وهذا لضعف بصيرته فر من ألم أعداء الرسل إلى موافقتهم ومتابعتهم، ففر من ألم عذابهم إلى ألم عذاب الله، فجعل ألم فتنة الناس في الفرار منه بمنزلة عذاب الله، وغُبن كل الغبن إذ استجار من الرمضاء بالنار، وفر من ألم ساعة إلى ألم الأبد، وإذا نصر الله جنده وأولياءه قال: إني كنت معكم، والله أعلم بما انطوى عليه صدره من النفاق". انتهى.
وفي الآية رد على المرجئة والكرامية. ووجهه: أنه لم ينفع هؤلاء قولهم: آمنا بالله. مع عدم صبرهم على أذى من عاداهم في الله، فلا ينفع القول والتصديق بدون العمل. فلا يصدق الإيمان الشرعي على الإنسان إلا باجتماع الثلاثة: التصديق بالقلب وعمله، والقول باللسان، والعمل بالأركان. وهذا قول أهل السنة والجماعة سلفا وخلفا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وفيه الخوف من مداهنة الخلق في الحق. والمعصوم من عصمه الله.
قوله: " عن أبي سعيد مرفوعا. " إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله; إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره " 1".
هذا الحديث رواه أبو نعيم في الحلية والبيهقي، وأعله بمحمد بن مروان السدي وقال: ضعيف. وفيه أيضا عطية العوفي: ذكره الذهبي في الضعفاء والمتروكين. ومعنى الحديث صحيح، وتمامه: " وإن الله بحكمته جعل الروح والفرح في الرضى واليقين، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط " [2].
قوله: "إن من ضعف اليقين" الضعف بضم ويحرك، ضد القوة، ضعف ككرم ونصر، ضعفا، وضعفة، وضعافية، فهو ضعيف وضعوف وضعفان. والجمع: ضعاف وضعفاء وضعفة وضعفى، أو الضعَف - بالفتح- في الرأي وبالضم في البدن، فهي ضعيفة وضعوف. و "اليقين" كمال الإيمان. قال ابن مسعود: " اليقين الإيمان كله، والصبر نصف الإيمان " رواه أبو نعيم في الحلية، والبيهقي في الزهد من حديثه مرفوعا: قال: ويدخل في ذلك تحقيق الإيمان بالقدر السابق، كما في حديث ابن عباس مرفوعا. 3" فإن
1 ضعيف. أبو نعيم في الحلية (5/ 106) , (10/ 41) ، والبيهقي في الشعب (1/ 151 , 152) . وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2007) . [2] صحيح موقوفا. وعلقه البخاري في صحيحه (1/ 47) كتاب الإيمان. وقال الحافظ في الفتح (1/ 48) : وصله الطبراني بسند صحيح.. "وأخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الزهد من حديثه مرفوعا ولا يثبت رفعه" ا. هـ.
3 ضعيف. الرواية الأولى جزء من حديث رواه الحاكم (3/ 541) ، وأبو نعيم في الحلية (1/ 314) بإسناد ضعيف. والرواية الثانية أخرجها الآجري في الشريعة ص (198) بسند ضعيف أيضا، والحديث ضعفه ابن رجب في جامع العلوم والحكم ص (184) .