تُكَذِّبُونَ} تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا: بنجم كذا وكذا " [1]. وهذا أولى ما فسرت به الآية. وروي ذلك عن علي وابن عباس وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغيرهم. وهو قول جمهور المفسرين. وبه يظهر وجه استدلال المصنف -رحمه الله- بالآية.
قال ابن القيم -رحمه الله-: أي تجعلون حظكم من هذا الرزق الذي به حياتكم: التكذيب به، يعني القرآن. قال الحسن: تجعلون حظكم ونصيبكم من القرآن أنكم تكذبون. قال: وخسر عبد لا يكون حظه من القرآن إلا التكذيب.
قوله: "عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب; والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم; والنياحة ". وقال: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ". رواه مسلم". أبو مالك: اسمه الحارث بن الحارث الشامي. صحابي تفرد عنه بالرواية أبو سلام. وفي الصحابة أبو مالك الأشعري اثنان غير هذا.
قوله: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن" ستفعلها هذه الأمة إما مع العلم بتحريمها أو مع الجهل بذلك، مع كونها من أعمال الجاهلية المذمومة المكروهة المحرمة. والمراد بالجاهلية هنا: ما قبل المبعث، سموا بذلك لفرط جهلهم. وكل ما يخالف ما جاء به الرسول صلي الله عليه وسلم فهو جاهلية، فقد خالفهم رسول الله صلي الله عليه وسلم في كثير من أمورهم أو أكثرها، وذلك يدرك بتدبر القرآن ومعرفة السنة. ولشيخنا -رحمه الله- مصنف لطيف، ذكر فيه ما خالف رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه أهل الجاهلية، بلغ مائة وعشرين مسألة[2].
قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: " أخبر أن بعض أمر الجاهلية لا يتركه الناس كلهم ذما لمن لم يتركه، وهذا يقتضي أن كل ما كان من أمر الجاهلية وفعلهم فهو مذموم في دين [1] ضعيف. أحمد (1/108,131) والترمذي: كتاب التفسير (3295) : باب ومن سورة الواقعة وقال: حسن غريب صحيح. وابن جرير (27/119) وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (4/299) . وفي إسناده عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ضعيف، وقد جاء موقوفا على ابن عباس رواه سعيد بن منصور في سننه، وإسناده صحيح كما في الفتح (2/522) . [2] كتاب مسائل الجاهلية طبع في المطبعة السلفية، وهو نفيس جدا ككل كتب شيخ الإسلام التي تفيض علما ونورا، رحمه الله.