responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 206
وقوله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} [1] أي هو مالكها، فليس لمن تُطلب منه شيء منها، وإنما تطلب ممن يملكها دون كل من سواه؛ لأن ذلك عبادة وتأليه لا يصلح إلا لله.
قال البيضاوي: لعله رد لما عسى أن يجيبوا به، وهو أن الشفعاء أشخاص مقربون.
وقوله تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [2] تقرير لبطلان اتخاذ الشفعاء من دونه، لأنه مالك الملك، فاندرج في ذلك ملك الشفاعة، فإذا كان هو مالكها بطل أن تطلب ممن لا يملكها[4] {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى} [5].
قال ابن جرير: نزلت لما قال الكفار: ما نعبد أوثاننا[6] هذه إلا ليقربونا إلى الله زلفى. قال الله تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [7].
قال: "وقوله {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} " قد تبين مما تقدم من الآيات أن الشفاعة التي نفاها القرآن هي التي تطلب من غير الله. وفي هذه الآية بيان أن الشفاعة إنما تقع في الدار الآخرة بإذنه، كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} [8]، فبين أنها لا تقع لأحد إلا بشرطين: إذن الرب تعالى للشافع أن يشفع; ورضاه عن المأذون بالشفاعة فيه، وهو تعالى لا يرضى من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة إلا ما أريد به وجهه، ولقي العبد به ربه مخلصا غير شاك في ذلك، كما دل على ذلك الحديث الصحيح. [9] وسيأتي ذلك مقررا أيضا في كلام شيخ الإسلام رحمه الله.

[1] سورة الزمر آية: 44.
[2] سورة البقرة آية: 107.
[4] في قرة العيون: فليس لأحد في ملكه مثقال ذرة دونه سبحانه وبحمده, والإسلام هو أن تسلم قلبك وجوارحك لله بالإخلاص كما في المسند عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (فبالذي بعثك بالحق له ما بعثك به؟ قال: الإسلام. قال: وما الإسلام؟ قال: أن تسلم قلبك، وأن توجه وجهك إلى الله; وأن تصلي الصلاة المكتوبة, وأن تؤدي الزكاة المفروضة) والآيات في بيان الإخلاص كثيرة, وهو أن لا يلتفت القلب ولا الوجه في جميع الأعمال كلها إلا لله وحده. كما قال تعالى: {فادعوا الله مخلصين له الدين} فأمر تعالى بإخلاص الدعاء له وحده، وأخبر أنه الدين الذي تصح معه الأعمال وتقبل. قال شيخ الإسلام: ((الإخلاص محبة الله وإرادة وجهه)) .
[5] سورة الأنبياء آية: 28.
[6] الأولى "ما نعبد أولياءنا" ولم أجد هذه الجملة كلها في تفسير ابن جرير.
[7] سورة الزمر آية: 44.
[8] سورة طه آية: 109.
[9] وفي ذلك أحاديث كثيرة منها: حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له"، فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله: "لا شيء له". ثم قال: "إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه" رواه النسائي في الجهاد (6/ 25) : باب من غزا يلتمس الأجر والذكر. وإسناده حسن كما قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (4/ 328) ، وحسنه الألباني في الصحيحة (52) . وراجع أول كتاب الترغيب والترهيب للمنذري فهناك أحاديث كثيرة جدا بهذا المعنى.
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست