باب: قول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير ُ} 1
قوله: باب "قول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} 2"[3].
قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [4] أي زال الفزع عنها. قاله ابن عباس وابن عمر وأبو عبد الرحمن السلمي والشعبي والحسن وغيرهم.
وقال ابن جرير: قال بعضهم: الذين فزع عن قلوبهم: الملائكة. قالوا: وإنما فزّع
1 سورة سبأ آية: 23.
2 سورة سبأ آية: 23. [3] في قرة العيون: وهذه الآيات تقطع عروق الشرك بأمور أربعة: (الأول) أنهم لا يملكون مثقال ذرة مع الله، والذي لا يملك مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض لا ينفع ولا يضر, فالله تعالى هو الذي يملكهم ويدبرهم ويتصرف فيهم وحده. (الثاني) قوله: (وما لهم فيهما من شرك) أي في السموات والأرض, أي وما لهم فيهما من شرك مثقال ذرة من السموات والأرض. (الثالث) قوله: (وما لهم منهم من ظهير) والظهير: المعين، فليس لله معين من خلقه, بل هو الذي يعينهم على ما ينفعهم لكمال غناه عنهم, وضرورتهم إلى ربهم فيما قل وكثر من أمور دنياهم وأخراهم. (الرابع) قوله: (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه. وأخبر تعالى أن من اتخذ شفيعا من دونه حرم شفاعة الشفعاء, قال تعالى: (10: 18) (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون) ؛ لأن اتخاذ الشفعاء شرك لقوله تعالى في حقهم: (سبحانه وتعالى عما يشركون) . والمشرك منفية الشفاعة في حقه كما قال تعالى: (74: 48) (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) وقال: (6: 94) (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهرركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون) ، وذلك أن متخذ الشفيع لا بد أن يرغب إليه ويدعوه ويرجوه ويخافه ويحبه لما يؤمله منه وهذه من أنواع العبادة التي لا يصرف منها شيء لغير الله، وذلك هو الشرك الذي ينافي الإخلاص. [4] سورة سبأ آية: 23.