responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 183
وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} 1
إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [2] يخبر تعالى عن حال المدعوين من دونه من الملائكة والأنبياء والأصنام وغيرها بما يدل على عجزهم وضعفهم وأنهم قد انتفت عنهم الأسباب التي تكون في المدعو وهي الملك، وسماع الدعاء، والقدرة على استجابته، فمتى لم توجد هذه الشروط تامة بطلت دعوته فكيف إذا عُدمت بالكلية؟ فنفى عنهم الملك بقوله: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [3] قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة، وعطاء والحسن وقتادة "القطمير: اللفافة التي تكون على نواة التمر". كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ} [4]. وَقَالَ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [5] ونفى عنهم سماع الدعاء بقوله: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا} ؛ لأنهم ما بين ميت وغائب عنهم، مشتغل بما خلق له، مسخر بما أمر به كالملائكة، ثم قال: {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} ؛ لأن ذلك ليس لهم; فإن الله تعالى لم يأذن لأحد من عباده في دعاء أحد منهم، لا استقلالا ولا واسطة، كما تقدم بعض أدلة ذلك. وقوله: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} فتبين بهذا أن دعوة غير الله
شرك. [6] وقال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ

1 سورة فاطر آية: 13-14.
[2] في قرة العيون: يخبر الخبير أن الملك له وحده، والملوك وجميع الخلق تحت تصرفه وتدبيره, ولهذا قال: (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير) فإن من كانت هذه صفته فلا يجوز أن يرغب في طلب نفع أو دفع ضر إلى أحد سواه تعالى وتقدس، بل يجب إخلاص الدعاء له الذي هو من أعظم أنواع العبادة، وأخبر تعالى أن ما يدعوه أهل الشرك لا يملك شيئا وأنهم لا يسمعون دعاء من دعاهم. ولو فرض أنهم يسمعون فلا يستجيبون لداعيهم وأنهم يوم القيامة يكفرون بشركهم, أي ينكرونه ويتبرءون ممن فعله معهم; ذلك الدعاء شرك به, وأنه لا يغفره لمن لقيه به, فأهل الشرك ما صدقوا الخبير ولا أطاعوه فيما حكم به وشرع, بل قالوا: إن الميت يسمع; ومع سماعه ينفع; فتركوا الإسلام والإيمان رأسا كما ترى عليه الأكثرين من جهلة هذه الأمة.
[3] سورة فاطر آية: 13.
[4] سورة النحل آية: 73.
[5] سورة سبأ آية: 22-23.
[6] وتبين أنهم كانوا يدعون عبادا صالحين يتبرءون من الشرك الذي هو دعاء غير الله، ويتبرءون من أولئك المشركين الزاعمين حب أولئك الصالحين وأنهم محسوبون عليهم.
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست