responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 169
{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [1] ونحوها من الآيات الدالة على أنه المنفرد بالخلق والتدبير والتصرف والتقدير، ولا شيء لغيره في شيء ما بوجه من الوجوه، فالكل تحت ملكه وقهره تصرفا وملكا، وإماتة وخلقا. وتمدح الرب - تبارك وتعالى - بانفراده بملكه في آيات من كتابه كقوله: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [2] {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [3] وذكر آيات في هذا المعنى.
ثم قوله: فقوله في الآيات كلها "من دونه" أي من غيره. فإنه هام يدخل فيه من اعتقدته، من ولي وشيطان تستمده، فإن من لم يقدر على نصر نفسه كيف يمد غيره؟ إلى أن قال: إن هذا لقول وخيم، وشرك عظيم، إلى أن قال: وأما القول بالتصرف بعد الممات فهو أشنع وأبدع من القول بالتصرف في الحياة. قال جل ذكره:
{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [4]، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} [5]، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [6] {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [7] وفي الحديث: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث " [8] الحديث[9].
فجميع ذلك وما هو نحوه دال على انقطاع الحس والحركة من الميت، وأن أرواحهم ممسكة وأن أعمالهم منقطعة عن زيادة ونقصان، فدل ذلك على أنه ليس للميت تصرف في ذاته فضلا عن غيره. فإذا عجز عن حركة نفسه، فكيف يتصرف في غيره؟ فالله سبحانه يخبر أن الأرواح عنده، وهؤلاء الملحدون يقولون: إن الأرواح مطلقة متصرفة {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [10].
قال: وأما اعتقادهم أن هذه التصرفات لهم من الكرامات، فهو من المغالطة؛ لأن الكرامة شيء من عند الله يكرم به أولياءه، لا قصد لهم فيه ولا تحدي، ولا قدرة ولا علم، كما في قصة مريم بنت عمران، وأسيد بن حضير، وأبي مسلم الخولاني.
قال: وأما قولهم فيستغاث بهم في الشدائد، فهذا أقبح مما قبله وأبدع لمصادمته قوله جل ذكره: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [11] {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ

[1] سورة آل عمران آية: 189.
[2] سورة فاطر آية: 3.
[3] سورة فاطر آية: 13-14.
[4] سورة الزمر آية: 30.
[5] سورة الزمر آية: 42.
[6] سورة آل عمران آية: 185.
[7] سورة المدثر آية: 38.
[8] مسلم: كتاب الوصية (1631) (14) : باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[9] رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة.
[10] سورة البقرة آية: 140.
[11] سورة النمل آية: 62.
اسم الکتاب : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد المؤلف : آل الشيخ، عبد الرحمن بن حسن    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست