responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 325
إِلَيْهِ مَعَ الْأمين جِبْرِيل فَإِنَّهُ غير بعيد أَن تشمله الْعِنَايَة من المبدأ الأول بتكميل فطرته وتصفية جَوْهَر نَفسه وتنقيته بِحَيْثُ يتهيأ لقبُول هَذِه الْأَسْرَار ويستعد لدرك هَذِه الْأَنْوَار فَيرى مَلَائِكَة الله على صور مُخْتَلفَة وَيسمع وحيها وحدة دون غَيره من الْحَاضِرين وَيخْتَص بِهِ دونهم أَجْمَعِينَ إِن الله تَعَالَى {يصطفي من الْمَلَائِكَة رسلًا وَمن النَّاس}
وَلَيْسَ مَا يرَاهُ النبى من اخْتِلَاف صور الْملك لتبدل حَقِيقَته أَو لتبدل صورته وشكله بل الذى يظْهر أَنَّهَا أنوار روحانية وجواهر عقلية تظهر فى الخيال على اخْتِلَاف تِلْكَ الأشكال وَيكون تعلقهَا بِهِ فى ضرب الْمِثَال على نَحْو تعلق الْأَنْفس الناطقة بالأبدان فَإِذا اشْتَدَّ صفاء نَفسه بِحَيْثُ صَارَت مُتَّصِلَة بعالم الْغَيْب انطبعت تِلْكَ الأشكال فِي الْقُوَّة الخيالية وارتقمت فِيهَا تِلْكَ الكمالات اللاهوتية ثمَّ انطبع مَا حصل فى الخيال من الإدراكات الظَّاهِرَة فِي الْحَواس الْبَاطِنَة فَإِذا ذَاك يرى من الْأَشْخَاص والصور وَيسمع من الْأَصْوَات مَا تتقاصر عَن الْإِحَاطَة بِهِ قوى الْبشر فَمَا يرَاهُ من الصُّور هى مَلَائِكَة الله وَمَا يسمعهُ من الْكَلَام هُوَ كَلَام الله ووحيه الموحى بِهِ إِلَيْهِ
وَأقرب مِثَال يقربهُ الى الذِّهْن ويصوره فى الْوَهم مَا نشاهده فى بعض النَّاس فَإِنَّهُ قد يقل شواغله الْبَدَنِيَّة وينصرف عَن اشْتِغَاله بمتعلقات حواسه الظَّاهِرَة بِسَبَب يبوسة تغلب على مزاجه أَو لأمر مَا بِحَيْثُ يصير كالمبهوت وَحِينَئِذٍ قد يرى من الصُّور وَيسمع من الْأَصْوَات حسب مَا يرَاهُ النَّائِم فى مَنَامه وَإِن كَانَ مستيقظا بل وَمثل هَذَا قد وجد لبَعض المرضى والمصروعين وَبَعض المتكهنين وَالْمَقْصُود من هَذَا إِنَّمَا هُوَ التَّقْرِيب بالمثال وَإِلَّا فَهَذِهِ صفة نقص وَالْأولَى صفة تَمام وَكَمَال
وَمَا أُشير إِلَيْهِ من الشُّبْهَة الثَّانِيَة فمندفعة وَذَلِكَ أَنه لَا مَانع من أَن يرد النبى بِمَا هُوَ فِي نَفسه مَعْقُول وَيكون تحذيره وترغيبه تَأْكِيدًا وَيكون ذَلِك بِمَثَابَة إِقَامَة أَدِلَّة مُتعَدِّدَة

اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 325
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست