responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 289
قَالُوا وَلَيْسَ مَا يحصل لَهَا من اللَّذَّة يحصل مثل الْمَطْلُوب مِمَّا شاكل اللَّذَّة الْحَاصِلَة من غَيره من المطاعم والمشارب وَغير ذَلِك من الكمالات الْحَاصِلَة للحيوانات إِذْ الالتذاذ وزيادته إِنَّمَا هُوَ على حسب جمال الشئ الْمدْرك وَقُوَّة الْإِدْرَاك لَهُ ودوامه وَلَا يخفى أَن شرف كَمَال النَّفس بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره من الكمالات كنسبة شرف جَوْهَر النَّفس بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره من الْجَوَاهِر وَكَذَا أَيْضا إِدْرَاك النَّفس لما تُدْرِكهُ لَيْسَ مثل إِدْرَاك غَيرهَا من القوى من حَيْثُ إِن إِدْرَاكهَا للأمور الكليات والحقائق والماهيات وَلَا كَذَلِك غَيرهَا وَكَذَا أَيْضا كمالها أدوم من كَمَال غَيرهَا فالتذاذها بِهِ لَيْسَ من التذاذ غَيرهَا بِكَمَالِهِ وَلَيْسَ التذاذها بِهِ أَيْضا بعد الْمُفَارقَة على نَحْو التذاذها بِهِ قبل الْمُفَارقَة إِذْ النَّفس قبل الْمُفَارقَة مَشْغُولَة بالعوائق الْبَدَنِيَّة والموانع الدُّنْيَوِيَّة وَقد زَالَت هَذِه الْمَوَانِع بعد الْمُفَارقَة وَغير خَافَ أَن الالتذاذ بالشئ عِنْد زَوَال الْمَانِع يكون أَشد مِنْهُ عِنْد وجوده واللذة الْحَاصِلَة مِنْهُ أعظم وَأتم وَلَيْسَ نِسْبَة هَذِه اللَّذَّة إِلَى تِلْكَ اللَّذَّة إِلَّا على نَحْو نِسْبَة لَذَّة الْأكل إِلَى لذى شم رَائِحَة الْمَأْكُول أَو أَشد
وهى وَإِن كُنَّا لَا نعرفها على مَا هى عَلَيْهِ وَلَا نتشوقها غَايَة الشوق لكوننا مشغولين بالعوائق والعلائق فَإنَّا لَا محَالة نقطع بوجودها كَمَا يقطع الْعنين بلذة الْجِمَاع أَو الأكمه بتخيل بعض الصُّور وَإِن كَانَ لَا يتشوقها وَلَا يعرفهَا على نَحْو معرفَة غَيره بهَا وتشوقه إِلَيْهَا مِمَّن لَيْسَ بعنين وَلَا أكمه فَهَذِهِ هى اللَّذَّة وَالنَّعِيم الدَّائِم الذى لَا يُشبههُ شئ من أَنْوَاع الملاذ

اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 289
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست