اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 204
ان الْوَاحِد لَا يصدر عَنهُ إِلَّا وَاحِد وَألا فَلَو صدر عَنهُ اثْنَان لم يخل إِمَّا ان يتماثلا من كل وَجه اَوْ يختلفا من كل وَجه أَو يتماثلا من وَجه وَيخْتَلف من وَجه فان تماثلا من كل وَجه فهما شئ وَاحِد وَلَا تعدد وَلَا كَثْرَة وان اخْتلفَا من كل وَجه أَو من وَجه دون وَجه فهما فِي الْجُمْلَة مُخْتَلِفَانِ وَإِذ ذَاك فصدورهما عَمَّا هُوَ وَاحِد من كل وَجه مُمْتَنع لِأَن صدورهما عَنهُ إِمَّا أَن يكون بِاعْتِبَار جِهَة وَاحِدَة أَو بِاعْتِبَار جِهَتَيْنِ لَا جَائِز ان يُقَال بِالْأولِ إِذْ الِاخْتِلَاف مَعَ اتِّحَاد الْمُوجب محَال وَلَا جَائِز أَن يُقَال بالثانى والا فالجهات إِمَّا خَارِجَة عَن ذَاته اَوْ هى لَهُ فِي ذَاته فَإِن كَانَت خَارِجَة عَن ذَاته فَالْكَلَام فِيهَا كَالْكَلَامِ فِي الأول وَذَلِكَ يفضى إِلَى التسلسل أَو الدّور وَكِلَاهُمَا محالان وان كَانَت لذاته وَفِي ذَاته فممتنع إِذْ هُوَ وَاحِد من كل وَجه فَلم يبْق وَإِلَّا أَن يكون الصَّادِر عَنهُ وَاحِدًا لَا تعدد فِيهِ وَلَا كَثْرَة
وَلَا يجوز ان يكون ذَلِك الْوَاحِد مَادَّة وَلَا صُورَة مَادَّة إِذْ كل وَاحِدَة لَا وجود لَهَا دون الْأُخْرَى فَإنَّا لَو قَدرنَا وجود كل وَاحِدَة دون الْأُخْرَى لم تخل اما أَن تكون متحدة أَو متكثرة فان كَانَت متحدة فهى لذاتها وَمَا اتَّحد مِنْهُمَا لذاته فالكثرة عَلَيْهِ مستحيلة والمواد والصور متكثرة وَإِن كَانَت متكثرة فتكثر كل وَاحِدَة مَعَ قطع النّظر عَن الْأُخْرَى محَال كَيفَ وَإنَّهُ يلْزم أَن يكون التكثر لذاتها وَيلْزم ان لَا تتحد والوحدة عَلَيْهَا جَائِزَة فَإِذا لَا وجود لكل وَاحِدَة إِلَّا بِالْأُخْرَى وَيمْتَنع ان تكون إِحْدَاهمَا عله لِلْأُخْرَى إِذْ الْعلَّة وان كَانَت مَعَ معلولها فِي الْوُجُود فَلَا بُد وان تكون مُتَقَدّمَة عَلَيْهِ بِالذَّاتِ وَلَيْسَ وَلَا وَاحِدَة من الْمَادَّة وَالصُّورَة مُتَقَدّمَة على الْأُخْرَى بِالذَّاتِ وَلَا بُد ان تَكُونَا مستندين إِلَى مَوْجُود خَارج عَنْهُمَا وَذَلِكَ الْخَارِج لَا يجوز ان يكون مُتَعَددًا وَإِلَّا أفْضى إِلَى اجْتِمَاع الإلهين وَلَا جَائِز أَن يكون متحدا لما سبق
وكما لَا يجوز ان يكون مَادَّة وَلَا صُورَة مَادَّة فَكَذَا لَا يجوز أَن يكون نفسا فَإِن النَّفس وان لم يكن وجودهَا ماديا فَلَيْسَ إِلَّا مَعَ الْمَادَّة وَإِلَّا فَلَو كَانَ لَهَا وجود قبل مَادَّة بدنهَا لم يخل إِمَّا أَن تكون متحدة أَو متكثرة لَا جَائِز ان تكون متحدة وَإِلَّا فَعِنْدَ وجود الْأَبدَان المتعددة إِمَّا أَن تَنْقَسِم وَهُوَ محَال إِذْ المتحد لَا يَنْقَسِم واما ان تكون النَّفس الْوَاحِدَة لأبدان مُتعَدِّدَة وَهُوَ مُمْتَنع أَيْضا وَإِلَّا لاتحد النَّاس بأسرهم
اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 204