اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 18
وَالْجَوَاب أما طَرِيق إفحام الْمُنكر لكَون النّظر مدْركا أَن يُقَال نفى إفضاء النّظر إِلَى الْعلم إِمَّا مَعْلُوم أَو غير مَعْلُوم فَإِن كَانَ مَعْلُوما فإمَّا أَن يكون حُصُوله متوقفا على مدرك يعلم بِهِ أَو لَيْسَ فَإِن كَانَ متوقفا فالمدرك إِذا إِمَّا الْحَواس أَو النّظر لَا جَائِز أَن يكون مدركه الْحَواس إِذْ هُوَ غير محسوس فَتعين أَن يكون مدركه النّظر وَإِن لم يكن متوقفا على مدرك فَهُوَ بديهي وَلَو كَانَ بديهيا لما وَقع الِاخْتِصَاص بِهِ لطائفة دون طَائِفَة كَيفَ وَأَنه لَو خلى الانسان ودواعى نَفسه فِي مبدأ نشوئه مَعَ قطع النّظر عَن النّظر لم يجد فِي نَفسه الْجَزْم بذلك أصلا وكل مَا لَيْسَ على هَذِه الْقَضِيَّة من الْعُلُوم فَلَيْسَ ببديهي وَإِن اكْتفى فِي ذَلِك بِمُجَرَّد الدَّعْوَى فقد لَا تؤمن الْمُعَارضَة بِمثلِهِ فِي طرف النقيض وَلَيْسَ عَنهُ محيص
وَأما إِن كَانَ مَجْهُولا غير مَعْلُوم فالجزم بنفيه مُتَعَذر لعدم الدَّلِيل المفضى إِلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا ينقاس فِي طرف النقيض فَإِن من حصلت عِنْده الْموَاد الصادقة المقترنة بالصور الحقة الَّتِي يتَوَلَّى بَيَانهَا المنطقى لم يجد فِي نَفسه جحد مَا يلْزم عَنْهَا وَذَلِكَ كعلمنا بِأَن الْأَرْبَعَة زوج لعلمنا بِأَنَّهَا منقسمة بمتساويين وكل منقسم بمتساويين فَهُوَ زوج كَيفَ وَأَنا نجد من أَنْفُسنَا الْعلم بِأُمُور كُلية حصلت لنا بعد مَا لم تكن وَلَو خلينا على أصل الْفطْرَة من غير طلب لَهَا لم نعلمها فَلَا بُد لَهَا من مدرك موصل
اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 18