responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 103
وَأَيْضًا فانه لَو كَانَ الْمُتَكَلّم من فعل الْكَلَام لوَجَبَ أَن يكون المريد والقادر والعالم من فعل الْإِرَادَة وَالْقُدْرَة وَالْعلم وَلَيْسَ كَذَلِك بالاجماع وَلَو طالبهم مطَالب بِجِهَة الْفرق لم يَجدوا إِلَى ذَلِك سَبِيلا
ثمَّ انه وَإِن تسومح فِي أَن حَقِيقَة مَدْلُول اسْم الْمُتَكَلّم بِالنّظرِ إِلَى الْوَضع من فعل الْكَلَام فَغير مُفِيد بعد التَّسْلِيم لما أوضحناه والموافقة لما قَرَّرْنَاهُ من أَن الْمَعْنى بِكَوْنِهِ متكلما قيام صفة نفسية بِهِ هِيَ غير الْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة وَهِي مَدْلُول الْعبارَات وَالْمعْنَى بالإشارات كَيفَ وَإِن ذَلِك مِمَّا يجب تَسْلِيمه على مُوجب أصولهم فَإِنَّهُم قَالُوا إِن الْكَلَام مركب من حُرُوف منتظمة وأصوات مقطعَة تتعاقب وتتجدد مِنْهَا تكون الْكَلِمَة وَمن تركب الْكَلِمَات الْكَلَام ومحلها الَّذِي تقوم بِهِ انما هُوَ اللِّسَان والمعانى المفهومة مِنْهَا محلهَا إِنَّمَا هُوَ الْقلب والجنان وَإِن من وجدت مِنْهُ الْأَصْوَات والحروف بِدُونِ أَن يكون لَهَا عِنْده معنى فِي فهمه كَانَ معتوها مَجْنُونا وَإِن سمى مَا يجرى على لِسَانه كلَاما فَلَيْسَ إِلَّا بطرِيق التَّجَوُّز والاستعارة وَعند ذَلِك فَلَو خلق الله تَعَالَى كلَاما مُرَتبا من حُرُوف منظومة وأصوات مقطعَة لم يخل إِمَّا أَن يكون لَهَا مَدْلُول عِنْده أَو لَيْسَ لَهَا مَدْلُول عِنْده لَا جَائِز أَن يُقَال بِأَنَّهُ لَا مَدْلُول لَهَا وَإِلَّا كَانَ ذَلِك جنونا وسفها وَإِن كَانَ لَهَا مدلولا فَيجب أَن يكون غير الْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة لما أوضحناه وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْنى بِكَلَام النَّفس
ثمَّ نقُول إِذا قُلْتُمْ إِن الْكَلَام فعل من أَفعاله وَإِن معنى كَونه متكلما أَنه فَاعل الْكَلَام فَمَا طريقكم فِي إِثْبَات هَذِه الصّفة الفعلية وَمَا دليلكم فِيهَا فَإِن قَالُوا دَلِيل وُقُوعهَا كَونهَا مقدورة لَهُ تَعَالَى فَيلْزم أَن يكون كل مَقْدُور وَاقعا وَأَن لَا يتَأَخَّر مَقْدُور مَا عَن وجود الْقُدْرَة وَلَا يخفى مَا فِي طى ذَلِك من المحالات
وَإِن قَالُوا طريقنا فِي ذَلِك لَيْسَ إِلَّا قَول الْأَنْبِيَاء الَّذين دلّت المعجزات على صدقهم وَقد قَالُوا إِن الله تَعَالَى مُتَكَلم بِأَمْر وَنهى وَغَيره
قُلْنَا فَلَو لم يبْعَث الله رَسُولا فعندكم أَنه يجب على الْعَاقِل معرفَة الله تَعَالَى معرفَة تتَعَلَّق بِالذَّاتِ وَالصِّفَات فَكيف يعرف كَونه متكلما وَذَلِكَ لَا يعرف إِلَّا بالرسول وَلَا رَسُول

اسم الکتاب : غاية المرام في علم الكلام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست