اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 91
الوجه الرابع من الوجوه الدالة على فساد قول الغبي النبهاني: أن كل ما ليس عليه أثارة من علم ليس بمقبول، وأن الاجتهاد ليس بنبوة حتى ياقل إنه خُتِمَ بفلان وفلان، أما النبوة فقد دل نص الكتاب والسنة على ختمها، قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [1].
وفي "صحيح البخاري" عن أبي هريرة مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثلي ومثل الأنبياء من قبلي؛ كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلاّ وُضِعَتْ هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين"[2].
بل إن الدليل العقلي قام على ذلك أيضاً، وهو كمال الشريعة وشمولها للأحكام على اختلاف الأعصر والأزمان، وصيانتها من تطرق التغيير والتبديل بسبب إعجازها، مع كونها أوسط الشرائع، إذ لا غلوّ فيها ولا تقصير.
وهذا كله قد دلّ على أن النبوة ختمت بالخاتم صلى الله عليه وسلم.
وأما الاجتهاد فلم نرَ على ختامه دليلاً؛ لا من كتاب الله، ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل ولا من أقوال الصحابة. بل رأينا ما يدل على أن علم الشريعة وعلمائها باقون إلى قيام الساعة.
روى كُميل بن نرياد النخعي، قال: أخذ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بيدي فأخرجني ناحية الجبانة، فلما أصحر جعل يتنفس، ثم قال: "يا كُميل بن زياد؛ القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك، الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسُكَ وأنت تحرس المال، العلم يزكوا على الإنفاق -وفي رواية على العمل- والمال تُنْقِصُه النفقة، العلم حاكم والمال محكوم عليه، ومحبة العلم [1] سورة الأحزاب: 45. [2] أخرجه البخاري (3535) ومسلم (2286) .
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 91