اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 87
وأبي يوسف وزفر بن الهذيل، ومحمد بن الحسن، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وهذا قول كثير من الحنفية. وقال بكر بن العلاء القشيري المالكي: ليس لأحد أن يختار بعد المائتين من الهجرة. وقال آخرون: ليس لأحد أن يختار بعد الأوزاعي، وسفيان الثوري، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن المبارك. وقالت طائفة: ليس لأحد أن يختار بعد الشافعي.
واختلف المقلدون من أتباعه فيمن يؤخذ بقوله من المنتسبين إليه ويكون له وجه يفتي ويحكم به من ليس كذلك، وجعلوهم ثلاث مراتب: طائفة أصحاب وجوه كابن شريح والقفال وأبي حامد، وطائفة أصحاب احتمالات لا أصحاب وجوه، كأبي المعالي، وطائفة ليسوا أصحاب وجوه ولا احتمالات، كابن حامد وغيره.
واختلفوا متى انسَدَّ باب الاجتهاد، على أقوال كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان. وعند هؤلاء أن الأرض قد خلت من قائم لله بحججه، ولم يبق فيها من يتكلم بالعلم، ولم يحل لأحد بعد أن ينظر في كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأخذ الأحكام منها، ولا يقضي ولا يفتي بما فيها حتى يعرضه على قول مقلّده ومتبوعه، فإن وافقه حكم به وأفتى به وإلا ردّه ولم يقبله.
وهذه أقوال كما ترى قد بلغت من الفساد والبطلان والتناقض والقول على الله بلا علم، وإبطال حججه والزهد في كتابه وسنة رسوله، وتلقي الأحكام منهما مبلغها، ويأبى الله إلا أن يُتِمَّ نوره، ويصدق قول رسوله أنه لا تخلو الأرض من قائم لله بحُجَّتِهِ، ولن تزال طائفة من أمته على مَحْضِ الحق الذي بعثه به، وأنه لا يزال يَبْعَثُ على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدّد لها دينها.
ويكفي في فساد هذه الأقوال أن يُقَالَ لأربابها: فإذا لم يكن لأحد أن يختار بعد من ذكرتم فمن أين وقع لكم اختيار تقليدهم دون غيرهم؟ وكيف حَرَّمْتُمْ على الرجل أن يختار ما يؤدّيه إليه اجتهاده من القول الموافق لكتاب الله وسنة رسوله، وأبحتم لأنفسكم اختيار قول من قلّدتموه، وأوجبتم على الأمة تقليده، وحرّمتم
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 87