responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 572
قصده الخضوع لمن فوقه بالذل لا أن يميل إليه إذ هو تحته، بك هذا لا يخطر في قلب ساجد، نعم سُمِعَ عن بشر المريسي أنه يقول: سبحان ربي الأسفل!! تعالى عما يقول الجاحدون والظالمون علواً كبيراً.
وتأول بعضهم كل نص فيه نسبة الفوقية إليه تعالى بأن فوق فيه بمعنى خير وأفضل، كما يقال الأمير فوق الوزير، والدينار فوق الدرهم. وأنت تعلم أن هذا مما تنفر منه العقول السليمة وتشمئز منه القلوب الصحيحة، فإن قول القائل ابتداء: الله تعالى خير من عباده أو خير من عرشه من جنس قوله: الثلج بارد، والنار حارة، والشمس أضوء من السراج، والسماء أعلى من سقف الدار ونحو ذلك، وليس في ذلك أيضاً تمجيد ولا تعظيم لله تعالى، بل هو من أرذل الكلام، فكيف يليق حمل الكلام المجيد عليه؟ وهو الذي لو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، على أن في ذلك تنقيصاً لله تعالى شأنه، ففي المثل السائر:
ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف خير من العصا
نعم إذا كان المقام يقتضي ذلك بأن كان احتجاجاً على مبطل كما في قول يوسف الصديق عليه السلام: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [1] وقوله تعالى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [2] وقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [3] فهو أمر لا اعتراض عليه، ولا توجه سهام الطعن إليه.
والفوقية بمعنى الفوقية في الفضل مما يثبتها السلف لله تعالى أيضاً، وهي متحققة في ضمن الفوقية المطلقة، وكذا يثبتون فوقية القهر والغلبة كما يثبتون فوقية الذات، ويؤمنون بجميع ذلك على الوجه اللائق بجلال ذاته وكمال صفاته

[1] سورة يوسف: 39.
[2] سورة النحل: 59.
[3] سورة طه: 73.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 572
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست