responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 558
فجاء آخرون من جهتهم فرأوا هذا مكابرة، وأنه لا بد من إثبات القديم والواجب، فقالوا هو هذا العالم، فكان قدماء الجهمية يقولون إنه بذاته في كل مكان، وهؤلاء قالوا هو غير الموجودات، والموجود القديم الواجب هو نفس الوجود المحدث الممكن، والحلول هو الذي أظهرته الجهمية للناس حتى عرفه السلف والأئمة وردوه.
وأما حقيقة قولهم فهو النفي؛ أن لا داخل العالم ولا خارجه، ولكن هذا لم يسمعه الأئمة ولم يعرفوا أنه قولهم إلا من باطنهم، ولهذا كان الأئمة يحكون عن الجهمية أنه في كل مكان، ويحكون عنهم وصفه بالصفات السلبية، وشاع عند الناس أن الجهمية يصفونه بالسلوب حتى قال أبو تمام:
جهمية الأوصاف إلا أنها ... قد حليت بمحاسن الأشياء
وهم لم يقصدوا نفي القديم والواجب، فإن هذا لا يقصده أحد من العقلاء لا مسلم ولا كافر، إذ كان خلاف ما يعلمه كل واحد ببديهة عقله، فإنه إذا قدر أن جميع الموجودات حادثة عن عدم لزم أن كل الموجودات حدثت بأنفسها، ومن المعلوم ببداهة العقول أن الحادث لا يحدث بنفسه، ولهذا قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [1] وقد قيل: خلقوا من غير شيء من غير رب خلقهم وقيل من غير مادة، وقيل من غير عاقبة وجزاء. والأول مراد قطعاً، فإن كل ما خلق من مادة أو لغاية فلا بد له من خالق.
ثم ذكر الشيخ رحمه الله معرفة الفطر، ثم ذكر قول الأشعرية، والهشامية، والكرامية، وغيرهم، ثم أبطله بأوضح بيان وأجلى برهان.
والمقصود، أن شيخ الإسلام لم يَرُدّ إلا على من خالف الشريعة وصادمها بقواعده، ولم يرد على أهل السنة وهم الذين كانوا على الصراط المستقيم ولم يخالفوا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، بل ذب عنهم وانتصر

[1] سورة الطور: 35.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 558
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست