responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 528
ورسله واليوم الآخر ووجود الجن ونحو ذلك مما وردت نصوص الكتاب والسنة به، فلِمَ لم ينصّ عليها في القرآن ولم يرد فيها حديث صحيح؟ فإذا سأل رب العالمين عبداً من عباده وقال له: لم لم تؤمن بحياة الخضر الأبدية، وكذّبت بالأقطاب والأوتاد والأبدال؟ ونحوهم مما قال به الصوفية! ثم أجابه بقوله: يا رب العالمين، ويا خالق السموات والأرضين؛ إنك كلفت الناس أن يؤمنوا بك وإن لم تَرَكَ العيون ولم تحط بك الظنون، ولكن نصبت لهم دلائل في الآفاق والأنفس على وجودك عدا ما ورد من النصوص على لسان أنبيائك ورسلك، وأودعت في كل شيء آية تدل على أنك الواحد، بل كل ذرة من ذرات العوالم هي أعدل شاهد، ثم إنك ملأت كتابك الكريم من ذكر الملائكة والرسل والجن وغير ذلك مما لم نره، ثم إن نبيك صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء كلهم أخبروا بذلك، فلذلك اعترفنا وصدقنا بما ذكر، وأما الخضر ومن ذكر معه فلم نر في كتابك الكريم آية تدل على خلوده ولا وجوده ووجودهم، وأما ما رواه الكذابون عن نبيك صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال المحققون من أهل العلم: إنها كذب لا أصل لها، بل الوارد خلاف ذلك، فكيف يا إلهي أؤمن بأمور موهومة وأشخاص غير معلومة؟ وقد أنعمت علي بعقل أزن فيه الأمور وأجعله حكماً عدلاً، ودليلاً هادياً إذا أعضلت علي المقاصد، فإذا لم أنتفع يا إلهي بما أنعمت علي من نعمة العقل أكون إذاً كالنبهاني الغبي أخبط خبط عشواء ولا أفرق بين السماء والماء.
ثم أقول: إلهي! ما فائدة القول بوجود الخضر والأقطاب والأبدال ونحوهم؟ لا جاهل يستفيد منهم العلم بدينه، ولا مظلوم يستصرخهم على دفع ظلمه، والشمس أنت تطلعها وتغيبها، والفلك أنت تديره، والقمر أنت تنيره، والكواكب أنت جعلتها زينة للسماء وحفظاً من كل شيطان ما رد، والسحاب أنت تنشئه، والغيث أنت تغيث به عبادك، والمريض أنت تشفيه، والجائع أنت تطعمه، والعطشان أنت تسقيه، وقد أودعت كتابك كل علم، وبيان كل حكم، وأنزلت: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [1] فالخضر وغيره حينئذ ماذا يفعلون إذا لم تكن لهم

[1] سورة المائدة: 3.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 528
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست