responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 516
وما ثم من يراه غيره، وما ثم من ينطق عنه سواه، وهو المسمى أبو سعيد الخراز، وغير ذلك من أسماء المحدثات.
فيقال لهذا الملحد: ليس من شرط المميز بين الشيئين بالعلم والقول أن يكون ثالثاً غيرهما، فإن كل واحد من الناس يميز بين نفسه وبين غيره، وليس هو ثالثاً، فالعبد يحرف أنه عبد ويميز بين نفسه وبين خالقه، والخالق جل جلاله يميز بين نفسه وبين مخلوقاته، ويعلم أنه ربهم وأنهم عباده، كما نطق بذلك القرآن في غير موضع، واستشهدنا بالقرآن عند المؤمنين الذين يقرون به باطناً وظاهراً، وأما هؤلاء الملاحدة فيزعمون ما كان يزعمه التلمساني منهم وهو أحذقهم في إلحادهم لما قرىء عليه الفصوص فقيل له: القرآن يخالف قولكم. فقال: القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا، فقيل له: إذا كان الوجود واحداً فلم كانت الزوجة حلالاً والأخت حراماً؟ قال: الكل عندنا حلال، ولكن هؤلاء المحجوبون قالوا حرام فقلنا حرام عليكم، وهذا مع كفره العظيم تناقض ظاهر، فإن الوجود إذا كان واحد فمن المحجوب ومن الحاجب؟! ولهذا قال بعض شيوخهم لمريده: من قال لك إن في الكون سوى الله فقد كذب، فقال له مريده فمن هو الذي يكذب؟ وقالوا لآخر: هذه مظاهر، فقال لهم: المظاهر غير الظاهر أم هي هو؟ فإن كانت غيرها فقد قلتم بالتثنية، وإن كانت هي إياها فلا فرق.
وقد بسطنا الكلام على كشف أسرار هؤلاء في موضع آخر، وبينا حقيقة كل واحد منهم، وأن صاحب الفصوص يقول المعدوم شيء ووجود الحق فاض عليه، فيفرق بين الوجود والثبوت، والمعتزلة الذين قالوا المعدوم شيء ثابت في الخارج مع ضلالهم خير منه، فإن أولئك قالوا إن الرب خلق لهذه الأشياء الثابتة في العدم وجوداً ليس هو وجود الرب، وهذا زعم أن عين وجود الرب فاض عليها فليس عنده وجود مخلوق مباين لوجود الخالق، وصاحبه القونوي يفرق بين المطلق والمعين لأنه كان أقرب إلى الفلسفة فلم يقر بأن المعدوم شيء، لكن جعل الحق هو الوجود المطلق، وصنف مفتاح غيب الجمع والوجود، وهذا القول أدخل في تعطيل الخالق وعدمه، فإن المطلق بشرط الإطلاق- وهو الكلي العقلي- لا يكون

اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 516
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست