responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 510
ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [1]. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [2] ويراد بالعقل الغريزة التي جعلها الله للإنسان يعقل بها، وأما أولئك فالعقل عندهم جوهر قائم بنفسه كالعاقل، وليس هذا مطابقاً للغة الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن، وعالم الخلق عندهم كما يذكره أبو حامد عالم الأجسام، وأما العقول والنفوس فيسميها عالم الأمر، وقد يسمى العقل عالم الجبروت، والنفوس عالم الملكوت، والأجسام عالم الملك، ويظن من لا يعرف لغة الرسول ومعاني الكتاب والسنة أن في القرآن والسنة من ذلك الملك والملكوت والجبروت ما يوافق هذا وليس الأمر كذلك.
وهؤلاء يلبسون على المسلمين تلبيساً كثيراً، كإطلاقهم أن الفلك محدث أي: معلول مع أنه قديم عندهم، والمحدث لا يكون إلا مسبوقاً بالعدم، ليس في لغة العرب ولا في لغة أحد أنه يسمى القديم الأزلي محدثاً، والله سبحانه قد أخبر أنه خالق كل شيء، وكل مخلوق فهو محدث، وكل محدث كائن بعد أن لم يكن، لكن ناظرهم أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة مناظرة قاصرة لم يعرفوا بها ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا حكموا فيها قضايا العقول، فلا للإسلام نصروا، ولا لأعدائه كسروا، وشاركوا أولئك في بعض قضاياهم الفاسدة، ونازعوهم في بعض المعقولات الصحيحة، فصار قصور هؤلاء في العلوم السمعية والعقلية من أسباب قوة ضلال أولئك، كما بسط في غير هذا الموضع.
وهؤلاء المتفلسفة قد يجعلون جبرائيل هو الخيال الذي يتشكل في نفس النبي والخيال تابع للعقل، فجاء الملاحدة الصوفية الذين شاركوا هؤلاء المتفلسفة وزعوا أنهم أولياء الله، وأن الولي أفضل من النبي، وأنهم يأخذون عن الله بلا واسطة، كابن عربي صاحب الفتوحات والفصوص، فقال: إنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى الرسول، والمعدن عنده هو العقل،

[1] سورة الرعد: 4.
[2] سورة الحج: 46.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 510
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست