اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 479
طريقة أهل الجهل من الأعراب أن من فعل شيئاً عظيماً نشرت له راية بيضاء، وقد رأيت من لم يفعل ذلك ولكنه ينصب راية بيضاء على سطح داره ثلاثة أيام يصيح كل يوم وقت المغرب بأعلى صوته الراية البيضاء المبنية لفلان بيض الله وجهه.
قال: وبالجملة؛ فأكثر البدع الخبيثة نشأت من هنالك، حتى أني رأيت بدمشق الشام أناساً ينذرون للشيخ عبد القادر الجيلي قنديلاً يعلقونه في رؤوس المنابر، ويستقبلون به جهة بغداد، ويبقى موقداً إلى الصباح، وهم يعتقدون أن ذلك من أتم القربات إليه، كأنهم يقولون بلسان حالهم: أينما توقدوا فثم عبد القادر.
فيالله العجب! ما هذه الخرافات؟! وأين دين الله الذي قد مات؟ بال الشيطان في عقولهم وأضلهم عن سبيلهم، ولا ترى أحداً ينهى وينكر أمثال ذلك.
وأعظم مما هنالك ومن أقبح المنكرات: ما يستعملها جميع الناس عند وضع الإناث ولاسيما في شدة الطلق، فإنهن يستغثن بعلي بن أبي طالب، وكلما اشتد الطلق صاحت النساء بأعلى أصواتهن داعيات ومستغيثات به ليفرج عنهن ما قد كربهن، ومن يسمعهن يتيقن إشراكهن، وقلما تسلم امرأة منهن في هذا الحال العظيم، والخطب الجسيم، وكثير منهن يزعمن أنه الموكل بالأرحام، والموكل إليه في هذه الأحوال العظام.
ومن البدع المنكرة؛ أن كثيراً من أهل الهند وأهل الأماكن القاصية يرسلون الهدايا العظيمة، والأموال الكثيرة، إما لإجراء القنوات لأجل المجاورين عند قبورهم، فإنهم عندهم أفضل خلق الله، ومن جاور عندهم فكأنما ابتاع منهم قطعة من الجنان، وإما لعمل قبابهم بصفائح الذهب والعقيان، وبعضهم يرسل هدايا عظيمة ليرسل له السدنة أعلاماً ينشرونها على فلكهم إذا وقعوا في شدتهم، فيكون اسمه المكتوب في تلك الأعلام المرسلة إليهم كشافاً لكربتهم نفاعاً لهم بإنجاح بغيتهم.
قال: وأكثر نساء بغداد إذا قمن صحيحات من وضعهن يخبزن خبزاً يسمينه
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 479