اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 451
على حذف مضاف والتقدير كنت حافظ سمعه الذي يسمع به فلا يسمع إلا ما يحل استماعه وحافظ بصره كذلك إلخ.
سادسها: قال الفاكهاني: يحتمل معنى آخر أدق من الذي قبله وهو أن يكون معنى سمعه مسموعه، لأن المصدر قد جاء بمعنى المفعول مثل فلان أملي بمعنى مأمولي، والمعنى: أنه لا يسمع إلا ذكري، ولا يلتذ إلا بتلاوة كلامي، ولا يأنس إلا بمناجاتي، ولا ينظر إلا لعجائب ملكوتي، ولا يمد يده إلا فيما فيه رضاي، ورجله كذلك" انتهى.
وقد ذكرت هذه المسألة في موضع آخر.
والمقصود؛ أن الغلاة يعتقدون أن الولي يعلم كما يعلم الله، ويبصر كما يبصر الله، ويسمع كما يسمع الله، فكيف بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الأولياء والأصفياء، فلا بد أنهم يعتقدون فوق اعتقادهم في الولي، فإذا كان الأمر على ما ذكر فلا وجه لما كتبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان السبكي لا يعتقد ذلك الذي ذكرناه من الصفات التي لا تثبت إلا للخالق دون الخلوق فما وجه كتابة تلك المقالة ونظم القصيدة وإرسالهما مع الشيخ نور الدين السخاوي؟ فعلى كلا الوجهين أن السبكي قد أخطأ فيما فعله وأبان به جهله وغيه وضلاله.
هذا حال السبكي الذي أعده النبهاني المسكين سلاحاً في ميدان الطعن بشيخ الإسلام وجرحه، والحمد لله الذي جعل أعداء أهل الحق في كل عصر وزمان من أجهل الناس وأضلهم وأغواهم، ومن العجائب أن السبكي- مع هذه الأحوال التي سمعتها- قد جعله ابن حجر المكي من المجتهدين الاجتهاد المطلق، وأنه مما لم يخالف أحد في وصوله إلى هذه المرتبة، وأنه أمام أهل التحقيق، التدقيق، وأنه ليس له نظير ولا قرين في كل فن، إلى غير ذلك من الأوصاف الجليلة، فإذا جرى ذكر تقي الدين ابن تيمية وأصحابه من أهل الحديث الحفاظ المتقنين شتمهم بكل ما خطر له، وذمهم بكل ما يقع في تصوره، فانظر إلى هذا التعصب وعدم الإنصاف، وهذا أحد الأسباب التي أوجبت انحطاط الإسلام إلى ما نرى،
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 451