اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 440
المتبع، وفي المثل السائر: "رمتني القرعى بدائها وانسلت" وهكذا تكون الوقاحة وعدم الحياء من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستِح فاصنع ما شئتَ" [1]. وهذا هو الهوى المتّبع وإعجاب المرء بنفسه الذي ورد في الخبر، وليت النبهاني المثبور كان عنده شيء من البصيرة والفهم، فلم ينقل هذه المقالة الشنعاء عن السبكي حتى فضحه بها، وقد توفاه الله تعالى منذ مئات من السنين، ولكن أبى الله إلا أن يفضح من تنقّص خيار الأمة وسلفها بكشف عورات جهالاتهم.
ثم إن ما حكاه عن السبكي من المقالة الفظيعة مختلة المبنى والمعنى يرد على كل كلمة من كلماتها إيرادات ومؤاخذات لو بسطنا الكلام فيها لاستوجب أن يفرد له كتاب مفصل، والوقت يضيق عن الاشتغال بمثل ذلك فكان من الواجب علينا أن نتكلم عليها إجمالاً، ونذكر ما يرد على محصلها ومقصدها، ولولا سوء الأدب لأجبنا مقالته تلك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرنا له ما تعدى به طوره وتجاوز حده، ولكن نعوذ بالله من التجاسر على مقام النبوة والتفوه بما لم يقله، كما أنا نلجأ إليه أن يعصمنا من سوء الأدب.
ثم إن الكلام على ما قصده السبكي في مقالته من وجوه:
الوجه الأول: أن كتاب (العقل والنقل) ويسمى أيضاً (بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول) ويسمى أيضاً (قسطاس الإنصاف والعدل في رد تعارض العقل والنقل) من مصنفات الآية الظاهرة، والحجة الباهرة، ماشطة العصر بل نادرة الدهر، بحر العلوم، وصدر القروم، الناسك العابد، والورع الزاهد؛ شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية رحمه الله، ألفه في الجواب عن سؤال ورد إليه، وهو: إذا تعارضت الأدلة السمعية والعقلية، أو السمع والعقل، أو العقل والعقل، أو الظواهر النقلية والقواطع العقلية أو نحو ذلك من العبارات، فهل يجمع بينهما وهو محال لأنه جمع بين النقيضين، وإما أن يرادا جميعاً، وإما [1] أخرجه البخاري (3484، 6120) .
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 440