اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 350
دون ما سواه، ومستغاثها الذي تفزع إليه وتلجأ إليه في مطالبها وحاجاتها. وقرر المتكلمون هنا تمانع وجود ربين مدبرين، وأنه لا صلاح للعالم إلا بأن يكون الله قيومه ومدبره. وقرر غيرهم من المحققين امتناع الصلاح بوجود آلهة تُعبد وتُقصد وتُرجى، فالأول يرجع إلى الربوبية، والثاني إلى الإلهية.
ال وجه السادس: أن الشرع الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم والسنة التي سنّها في قبور الأنبياء والصالحين وعامة المؤمنين تنافي هذا القول الشنيع- الذي افتراه هذا الجاهل- وتبطله وتعارضه، فإنه صلى الله عليه وسلم سن عند القبور ما صحّت به الأحاديث النبوية، وجرى عليه عمل علماء الأمة من السلام عند زيارتها والدعاء لأصحابها، وسؤال الله العافية لهم، من جنس ما شرعه من الصلاة على جنائزهم، ونهى عن عبادة الله عند القبور والصلاة فيها وإليها، وخص قبور الأنبياء والصالحين بلعن من اتخذها مساجد يعبد فيها تعالى ويدعى، وتواترت بذلك الأحاديث؛ خرجها أصحاب الصحيحين وأهل السنن ومالك في موطئه.
فمنها[1]: قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وحديث ابن مسعود: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد". وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وحديث جابر بن عبد الله: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك ". وحديث عائشة: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتمَّ بها كشفها، فقال- وهو كذلك-: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". قالت عائشة: يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك لأُبرز قبره، ولكن [1] وقد تقدم تخريجها.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 350