responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 348
الكائنات، وأعرف ما سيقت له ودلت عليه من وجوب محبته تعالى وعبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة ما عبد من دونه من الأنداد والآلهة والبراءة من ذلك.
وانظر هل القوم المخاطبون بهذا زعموا الاستقلال لغير الكبير المتعال، أم أقروا له سبحانه بالاستقلال والتدبير والتأثير، وإنما أتوا من جهة الواسطة والشفاعة، والتوسل بدعاء غير الله وقصده سواه، فيما يحتاجه العبد وما يهواه، وهذا صريح من تلك الحجج البينات، ونص هذه الآيات المحكمات، احتج سبحانه بما أقروا به من الربوبية، والاستقلال على إبطال قصد غيره بالعبادة والدعاء والاستغاثة، كما يفعله أهل الجهل والضلال.
فإذا قيل: تجوز الاستغاثة بالأنبياء والصالحين ودعاؤهم والنذر لهم على أنهم وسائط ووسائل بين الله وبين عباده وأن الله يفعل لأجلهم؛ انهدمت القاعدة الإيمانية، وانتقضت الأصول التوحيدية، وفتح باب الشرك الأعظم، وعادت الرغباب والرهبات، والمقاصد والتوجيهات، إلى سكان القبور والأموات، ومن دعى مع الله من سائر المخلوقات، وهذه هي الغاية الشركية، والعبادة الوثنية، فنعوذ بالله من الضلال والشقاء والانحراف عن أسباب الفلاح والهدى.
الوجه الخامس: أنه لا فلاح ولا صلاح ولا نجاح ولا نعيم ولا لذة للعبد إلا بأن يكون الله سبحانه هو إلهه ومحبوبه ومستغاثه، الذي إليه مفزعه عند الشدائد، وإليه مرجعه في عامة المطالب والمقاصد، والعبد به فاقة وضرورة وحاجة إلى أن يكون الله هو معبوده ومستغاثه، إليه إنابته ومفزعه، ولو حصلت له كل الكائنات وتوجه إلى جميع المخلوقات لم تسد فاقته، ولا تدفع ضرورته، ولا يحصل نعيمه وفرحه ويزول همه وكربه وشقاؤه إلا بربه الذي من وجده وجد كل شيء، ومن فاته فاته كل شيء، وهو أجب إليه من كل شيء، وهذه فاقة وضرورة وحاجات لا يشبهها شيء فتقاس به، وإنما تشبه من بعض الوجه حاجة العبد إلى طعامه وشرابه وقوته الذي يقوم بدنه به، فإن البدن لا يقوم إلا بذلك، وفقده غاية انعدام البدن وموته.

اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 348
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست