اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 339
وأما الثاني- أعني ما هو من خصائص الألوهية-: فاعلم أن توحيد الله تعالى بالتعظيم- كما قاله العلامة القرافي في كتاب "الفروق"1- ثلاثة أقسام: واجب إجماعاً، وغير واجب إجماعاً، ومختلف فيه؛ هل يجب توحيد الله تعالى به أم لا؟
القسم الأول: الذي يجب توحيد الله تعالى به من التعظيم بالإجماع؛ فذلك كالصلوات على اختلاف أنواعها، والصوم على اختلاف رتبه في الفرض والنفل والنذر، فلا يجوز أن يفعل شيء من ذلك لغير الله تعالى، وكذلك الحج ونحو ذلك- أي: كالاستغاثة والاستعانة والالتجاء- وكذلك الخلق والرزق والإماتة والإحياء والبعث والنشر والسعادة والشقاء والهداية والإضلال والطاعة والمعصية والقبض والبسط، فيجب على كل أحد أن يعتقد توحيد الله تعالى وتوحده بهذه الأمور على سبيل الحقيقة، وإن أضيف شيء منها لغيره تعالى فإنما ذلك على سبيل الربط العادي لا أن ذلك المشار إليه فعل شيئاً حقيقة، كقولنا: قتله السم، وأحرقته النار، وأرواه الماء، فليس شيء من ذلك يفعل شيئاً مما ذكر حقيقة، بل الله تعالى ربط هذه المسببات بهذه الأسباب كما شاء وأراد، ولو شاء لم يربطها، وهو الخالق لمسبباتها عند وجودها، لا أن تلك الأسباب هي الموجدة.
وكذلك إخبار الله تعالى عن عيسى عليه السلام أنه كان يحيي الموتى، ويبرىء الأكمه والأبرص، معناه أن الله تعالى كان يحيي الموتى ويبرىء عند إرادة عيسى عليه السلام لذلك، لا أن عيسى عليه السلام هو الفاعل لذلك حقيقة، بل الله تعالى هو الخالق لذلك، ومعجزة عيسى عليه السلام في ذلك ربط وقوع ذلك الإحياء وذلك الإبراء بإرإدته، فإن غيره يريد ذلك ولا يلزم إرادته ذلك، فاللزوم بإرادته هو معجزته عليه السلام، وكذلك جميع ما يظهر على أيدي الأنبياء والأولياء من المعجزات والكرامات، الله تعالى هو خالقها. وكذلك يجب توحيده تعالى باستحقاق العبادة والإلهية، وعموم تعلق صفاته تعالى، فيتعلق علمه بجميع
(3/738- وما بعدها. ط. دار السلام) .
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 339