responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 305
عندهم من الآثار النبوية التي يفتقر إلى العلم بها واتباعها كل أحد، ولهذا لم يذهب أحد من علماء المسلمين إلى أن إجماع أهل مدينة من المدائن حجة يجب اتباعها غير المدينة، لا في تلك الأعصار ولا فيما بعدها، لا إجماع أهل مكة ولا الشام، ولا العراق، ولا غير ذلك من أمصار المسلمين. ومن حكى عن أبي حنيفة أو أحد من أصحابه أن إجماع أهل الكوفة حجة يجب اتباعها على كل مسلم فقد غلط على أبي حنيفة وأصحابه في ذلك.
وأما المدينة فقد تكلم الناس في إجماع أهلها، واشتهر عن مالك وأصحابه أن إجماع أهلها حجة، وأن بقية الأئمة ينازعونهم في ذلك. والكلام إنما هو في إجماعهم في تلك الأعصار المفضلة. وأما بعد ذلك فقد اتفق الناس على أن إجماع أهلها ليس بحجة، إذ كان حينئذ في غيرها من العلماء ما لم يكن فيها، لاسيما من حين ظهر بها الرفض، فإن أهلها مستمسكون بمذهبهم القديم، منتسبين إلى مذهب مالك إلى أوائل المائة السادسة أو قبل ذلك أو بعد ذلك، فإنهم قدم إليهم من رافضة المشرق من أهل قاشان وغيرهم من أفسد مذهب كثير منهم، لاسيما المنتسبون منهم إلى العترة النبوية، وقدم عليهم بكتب أهل البدع المخالفة للكتاب والسنة، وبذل لهم أموالاً فكثرت البدعة بها من حينئذ.
فأما الأعصار المفضلة فلم يكن فيها بالمدينة النبوية بدعة ظاهرة البتة، ولا خرج منها بدعة في أصول الدين، كما خرج من سائر الأمصار فإن الأمصار الكبار التي سكنها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج منها العلم والإيمان خمسة: البحران، والعراقان، والشامان، منها خرج القرآن والحديث والفقه والعبادة وما يتبع ذلك من أمور الإسلام.
وخرج من هذه الأمصار بدع أصولية غير المدينة النبوية، فالكوفة خرج منها التشيع والإرجاء، وانتشر بعد ذلك في غيرها، والبصرة خرج منها القدر والاعتزال الفاسد، وانتشر بعد ذلك في غيرها. والشام كان بها النصب والقدر. وأما التجهُّم فإنما ظهر من ناحية خراسان، وهو شر البدع، ولأن ظهور البدع بحسب البعد عن الدار النبوية، فلما حدثت الفرقة بعد مقتل عثمان ظهرت بدعة الحرورية، وتقدم

اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست