responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 290
ويشقي وحده، وليس لغيره من الأمر شيء كائناً من كان، بل الأمر كله لله، وأقرب الخلق إليه وسيلة وأعظمهم عنده جاهاً وأرفعهم لديه ذكراً وقدراً، وأعمّهم عنده شفاعة؛ ليس له من الأمر شيء، ولا يعطى أحداً شيئاً، ولا يمنع أحداً شيئاً، ولا يملك لأحد ضراً ولا رشداً، وقد قال لأقرب الخلق إليه وهم ابنته وعمه وعمته: "يا فاطمة بنت محمد؛ لا أغني عنك من الله شيئاً، يا عباس، عم رسول الله؛ لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية، عمة رسول الله؛ لا أغني عنك من الله شيئاً"[1]. فهذا هو التعظيم الحق، المطابق لحال المعظم، النافع للمعظم في معاشه ومعاده، الذي هو لازم إيمانه وملزومة.
وأما التعظيم باللسان فهو الثناء عليه بما هو أهله مما أثنى به على نفسه، وأثنى به عليه ربه من غير غلو ولا تقصير، فكما أن المقصر المفرط تارك لتعظيمه فالمغالي المفرط كذلك، وكل منهما شر من الآخر من وجه دون وجه، وأولياؤه سلكوا بين ذلك قواماً.
وأما التعظيم بالجوارح فهو العمل بطاعته، والسعي في إظهار دينه وإعلاء كلمته، ونصر ما جاء به وجهاد ما خالفه.
وبالجملة؛ فالتعظيم النافع هو تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والموالاة والمعاداة، والحب والبغض لأجله وفيه، وتحكيمه وحده والرضا بحكمه، وأن لا يتخذ من دونه طاغوت يكون التحاكم إلى أقواله، فما وافقها من قول الرسول قبله وما خالفها رده أو تأوله أو أعرض عنه، والله سبحانه يشهد -وكفى بالله شهيداً- وملائكته ورسله وأولياؤه أن عباد القبور وخصوم الموحدين ليسوا كذلك وهم يشهدون على أنفسهم بذلك، وما كان لهم أن ينصروا دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم، شاهدين على أنفسهم بتقديم آراء شيوخهم وأقوال متبوعيهم على قوله، وأنه لا يستفاد من كلامه يقين، وأنه إذا عارضته آراء الرجال قدمت عليه وكان الحكم ما تحكم به.

[1] تقدم.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست