responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 288
يجعل مسجداً، كما قال: وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجداً. ولأجله كره مالك أن يقول القائل: زرتُ قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما يوهم هذا اللفظ من أنه إنما قصد المدينة لأجل زيارة القبر، ولما فيه من تعظيم القبر بإضافة الزيارة إليه مع كونه أعظم القبور على الإطلاق وأجلها وأشرف قبر على وجه الأرض، فالفتنة بتعظيمه أقرب من الفتنة بتعظيم غيره من القبور، فحمى مالك رحمه الله تعالى الذريعة حتى في اللفظ، ومنع الناذر من إتيانه، ولو كان إتيانه قربة عنده لأوجب الوفاء به، فإن من أصله أن كل طاعة تجب بالنذر سواء كان من جنسها واجب بالشرع أو لم يكن، ولهذا يوجب إتيان مسجد المدينة على من نذر إتيانه، وقد منع ناذر إتيان القبر من الوفاء بنذره، فلو كان ذلك عنده قربة لألزمه الوفاء به، ومن رد هذا النقل عنه وكذّب الناقل فهو من جنس من افترى الكذب وكذّب بالحق لما جاءه، فإن ناقله ممن له لسان صدق في الأمة بالعلم والأمانة والصدق والجلالة، وهو القاضي أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد أحد الأئمة الأعلام، وكان نظير الشافعي، وإماماً في سائر العلوم، حتى قال المبرد: إسماعيل القاضي أعلم مني بالتصريف. وروى عن يحيى بن أكثم أنه رآه مقبلاً فقال: قد جاءت المدنية. وقد ذكر هذا النقل عن مالك في أشهر كتبه عند أصحابه وأجلها عندهم وهو "المبسوط". فمن كذبه فهو بمنزلة من كذّب مالكاً والشافعي وأبا يوسف ونظرائهم، ومن وصل الهوى بصاحبه إلى هذا الحد فقد فضح نفسه وكفى خصمه مؤنته، ومن جمع أقوال مالك وأجوبته وضم بعضها إلى بعض، ثم جمعها إلى أقوال السلف وأجوبتهم قطع بمرادهم، وعلم نصيحتهم للأمة وتعظيمهم للرسول، وحرصهم على اتباعه وموافقته في تجريد التوحيد وقطع أسباب الشرك، وبهذا جعلهم الله أئمة، وجعل لهم لسان صدق في الأمة، فلو ورد عنهم شيء خلاف هذا لكان من المتشابه الذي يرد إلى المحكم من كلامهم وأصولهم، فكيف ولم يصح عنهم حرف واحد يخالفه، فتبين أن هذا التعظيم الذي قصده عباد القبور هو الذي كرهه أهل العلم، وهو الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى أمته عنه ولعن فاعله، وأخبر بشدة غضب الله عليه حيث يقول: "اشتد

اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري    الجزء : 1  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست