والأنصار يقلون وأن الأمر سيكون في المهاجرين فمن شارك الأنصار في نصر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بما أمكنه فهو شريكهم في الحقيقة، كما تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} 1 فبغض من نصر الله ورسوله من أصحابه نفاق"أ. هـ2.
هذه بعض أدلة الفريق الأول من أهل العلم التي استدلوا بها على ما ذهبوا إليه من أن ساب الصحابة يكفر بسبه وانتقاصه لهم وطعنه في عدالتهم.
2- ذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أن ساب الصحابة لا يكفر بسبهم بل يفسق ويضلل ولا يعاقب بالقتل، بل يكتفي بتأديبه وتعزيره تعزيراً شديداً يردعه ويزجره حتى يرجع عن ارتكاب هذا الجرم الذي يعتبر من كبائر الذنوب وفواحش المحرمات، وإن لم يرجع تكرر عليه العقوبة حتى يظهر التوبة.
فقد روى اللالكائي: عن الحارث بن عتبة، قال: إن عمر بن عبد العزيز أتي برجل سب عثمان، فقال: ما حملك على أن سببته؟، قال: أبغضه، قال: وإن أبغضت رجلاً سببته؟، قال: فأمر به فجلد ثلاثين سوطاً3.
وروى الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا عاصم4 الأحول قال: أتيت برجل قد سب عثمان، قال: فضربته عشرة أسواط، قال: ثم عاد لما قال، فضربته عشرة أخرى، قال فلم يزل يسبه حتى ضربته سبعين سوطاً"5.
وممن ذهب من الأئمة إلى ما ذهب إليه عمر بن عبد العزيز وعاصم الأحول
1ـ سورة الصف آية/14.
2ـ الصارم المسلول على شاتم الرسول ص/581-582.
3ـ ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في المصدر السابق ص/569.
4ـ هو: عاصم بن سليمان الأحول أبو عبد الرحمن البصري ثقة من الرابعة لم يتكلم فيه إلا القطان وكأنه بسبب دخوله في الولاية، مات سنة أربعين ومائة هجرية. التقريب 1/384، التهذيب: 5/42-43.
5ـ ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الصارم المسلول ص/569.