فهذه الصفات الحميدة في هاتين الآيتين كلها حققها المهاجرون والأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتصفوا بها ولذلك ختم الله صفات المهاجرين بالحكم بأنهم صادقون وختم صفات الذين آزروهم ونصروهم وآثروهم على أنفسهم بالحكم لهم بأنهم مفلحون، وهذه الصفات العالية لا يمكن أن يحققها قوم ليسوا بعدول.
فهذه الآيات التي أسلفناها من الآيات البينة الدالة على عدالة الصحابة رضي الله عنهم، فعدالتهم ثابتة بنص القرآن.
وأما دلالة السنة على تعديلهم رضي الله عنهم:
فقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث يطول تعدادها وأطنب في تعظيمهم وأحسن الثناء عليهم بتعدليهم ومن تلك الأحاديث:
1- ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "..ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب" الحديث1.
وجه دلالة الحديث على عدالتهم رضي الله عنهم أن هذا القول صدر من النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم جمع من الصحابة في حجة الوداع وهذا من أعظم الأدلة على ثبوت عدالتهم حيث طلب منهم أن يبلغوا ما سمعوه منه من لم يحضر ذلك الجمع دون أن يستثني منهم أحداً.
قال ابن حبان رحمه الله تعالى: "وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب" أعظم دليل على أن الصحابة كلهم عدول ليس فيهم مجروح ولا ضعيف إذ لو كان فيهم أحد غير عدل لاستثنى في قوله صلى الله عليه وسلم وقال: ألا ليبلغ فلان منكم الغائب فلما أجملهم في الذكر بالأمر بالتبليغ من بعدهم دل ذلك على أنهم كلهم عدول وكفى بمن عدله رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفاً"2أ. هـ.
1ـ صحيح البخاري 1/31، صحيح مسلم 3/1306.
2ـ الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 1/91.